رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - موعظة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقلنا: يا رسول الله! إنا نراك توصينا وصية مودع، فأوصنا وصيًة لا نحتاج إلى أحد بعدك أبدًا، فقال عليه الصلاة والسلام: أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن ولي عليكم عبد حبشي، وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة».
الشاهد من هذا الحديث: أنه اقتباس من الآية السابقة، ذلك لأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لم يقتصر على قوله فقط: عليكم بسنتي، بل عطف عليها فقال: وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، لماذا هذا العطف؟ إذا عرفتم النكتة في قوله تعالى في الآية السابقة:{وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ}[النساء: ١١٥] تعرفون أيضًا لماذا قال عليه السلام: وسنة الخلفاء الراشدين، أي: إن الخلفاء الراشدين هم الذين تلقوا دعوة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - مطبقة، ومنهاج حياة فهم ينقلون ذلك إلى من بعدهم فعلى من بعدهم أن يتبعوهم في منهجهم وفي سبيلهم الذي ساروا عليه.
من هذا القبيل أيضًا، وبه أختم الجواب عن هذا السؤال إن شاء الله تبارك وتعالى: الحديث المشهور المروي عن أكثر واحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، ومنهم أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «تفرقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وتفرقت النصارى على اثنتين وسبعين قرقة، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: هي ما أنا عليه والجماعة» وفي رواية أخرى: «هي ما أنا عليه وأصحابي».
إذًا: عطف على ما كان عليه الرسول ما كان عليه أصحابه، فإذًا: لا ينبغي أن نقتصر في الدعوة حينما ندعو إلى الكتاب والسنة فقط، بل علينا أيضًا أن نتبع