خالفهم في مذهبهم، بل صار ذلك فرعًا فقهيًا، نصوا عليه في كتبهم، فقالوا في متونها أو في متون هذا الفقه:«ولا يجوز الصلاة وراء المخالف للمذهب»؛ هذا النص موجود في المذهب الحنفي وفي المذهب الشافعي، وفي الشرح نرى -أو الحواشي كما يقولون- نرى العجب العُجاب من التفاصيل التي لا يعرفها السلف الأول أولاً، ثم لا يتعرف عليها السلفيون ثانيًا، لأن الله -عز وجل- أغناهم عن أن يقعوا في مثلها بمعرفتهم التي أشرتُ إليها آنفًا أن الصحابة كانوا مختلفين في بعض المسائل ومع ذلك كانوا يصلون وراء إمام واحد، بينما الخلف نجد آثارهم في محاريبهم حتى اليوم؛ فنجد في المسجد الكبير أربعة محاريب؛ المحراب الأول للحنابلة، والثاني للشافعية، والثالث -وهو يكون في الوسط- للحنفية، والأخير إلى الشرق المحراب للمالكية؛ لأنهم أقل عددًا في تلك البلاد، فكان يؤم الناس في المسجد الكبير الإمام الحنفي إلى عهد قريب إلى عهد استعمار فرنسا للبلاد السورية، ذلك ميراث ورِثه الناس في سوريا من العهد العثماني؛ لأن العثمانيين كلهم كانوا حنفيين، فلما احتلت فرنسا سوريا ثم أقامت رئيسًا للجمهورية هو المسمّى بتاج الدين الحسيني؛ الذي هو من أولاد بدر الدين الحسيني؛ الذي كانوا يقولون في زمانه:(إنه محدث الديار الشامية) ولستُ الآن في هذا الصدد، المهم أنّ هذا الشيخ تاج الدين بن بدر الدين كان رئيس جمهورية وعلى رأسه عمامة بيضاء على [طربوش] لأنه هكذا عاش، وكان ذلك طبعًا من السياسة الفرنسية لإقرار الهدوء في البلاد المستعمرة من قبلهم، فرأوا أن ينصبوا
رئيس جمهورية على المسلمين شيخًا ذو عمامة.
هذا الرجل كان شافعيًا فغير نظام الصلاة فجعل الإمام الشافعي يصلي قبل الإمام الحنفي، هذا من آثار التعصب المذهبي والبحث هنا طويل الذيل، وإنما حسبي الآن الإشارة السريعة، أما سلفنا الصالح فقد كانوا يدًا واحدةً وكتلةً واحدةً، يصلّون وراء إمامٍ واحد مهما كان هذا الإمام مخطئًا في رأيه، لقد وجد