لم أر من وصل روايته.
٥ - معن بن عيسى بن يحيى الأشجعي المدني: ثقة ثبت، من أثبت أصحاب مالك، لكن الراوي عنه: عبد الرحمن بن يعقوب بن أبي عباد القلزمي: لم أر من ترجم له؛ سوى أن يعقوب بن سفيان الفسوي ذكره في المعرفة والتاريخ (٢/ ٨٢)، في ذكر منقبة لعلي بن المديني، فقال فيه الفسوي: "وكان من أصحاب علي"، ونقلها الخطيب في تاريخه (١١/ ٤٦١).
فلا أرى مثل هذا يصح عن معن بن عيسى.
• والخلاصة: أن الذين لم يذكروا عائشة في إسناد حديث مالك: أوثق وأثبت وأكثر، لا سيما وفيهم: الإمام الشافعي، ومحمد بن الحسن الشيباني، وجمهور رواة الموطأ، كما قال ابن عبد البر، فروايتهم هي المحفوظة عن مالك.
• وأما رواية معمر:
فقد اختلف عليه:
١ - فرواه عبد الأعلى بن عبد الأعلى السامي البصري، عن معمر، كرواية مالك -في المحفوظ عنه-، بدون ذكر عائشة.
ورواية أهل البصرة عن معمر: فيها اضطراب كثير [انظر: شرح علل الترمذي (٢/ ٧٦٧)].
٢ - ورواه عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عائشة. لم يذكر بينهما عروة.
أخرجه عبد الرزاق (١/ ٢٨٣/ ١٠٩٢).
وروايته أولى بالصواب من رواية عبد الأعلى، فإن حديث معمر باليمن جيد، وعبد الرزاق من أثبت الناس في معمر.
• وخلاصة ما تقدم:
أن حديث الجماعة: عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة: أولى بالصواب، من حديث مالك ومعمر.
فإن يونس، وعقيل، والزبيدي: من أثبت الناس في الزهري، وقولهم مقدَّم لكثرتهم، وحفظهم.
وقد تابعهم: صالح بن أبي الأخضر، وابن أخي الزهري.
قال ابن عبد البر: "والحديث عند أهل العلم بالحديث: صحيح لابن شهاب عن عروة عن عائشة".
فإرسال مالك لا يقدح فيه، فقد وصله جماعة من الثقات المقدمين في الزهري: يونس وعقيل والزبيدي، لا سيما الزبيدي: فقد كان من الحفاظ المتقنين، أقام مع الزهري عشر سنين حتى احتوى على علمه، وقد سمع من الزهري مرتين، وهو من أثبت الناس فيه [التهذيب (٣/ ٧٢٤)، شرح علل الترمذي (٢/ ٦٧١)].