ومما يرجح روايتهم: تصحيح الإمام مسلم له بإخراجه في صحيحه، كذا تصحيح أبي عوانة، وابن حبان، وقد احتج به النسائي في صحاحه.
• وثم وجه ثالث لترجح هذه الرواية:
***
قال أبو داود: ووافق الزهريَّ: مسافعٌ الحجبي، قال: عن عروة عن عائشة.
وقال البيهقي في المعرفة (١/ ٢٦٥): "وكذلك رواه مسافع الحجبي، عن عروة، عن عائشة، وأخرجه مسلم في الصحيح".
وهذا إنما يرويه: يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن أبيه، عن مصعب بن شيبة، عن مسافع بن عبد الله، عن عروة بن الزبير، عن عائشة: أن أمرأة قالت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هل تغتسل المرأة إذا احتلمت، وأبصرت الماء؟ فقال: "نعم"، فقالت لها عائشة: تربت يداك، قالت: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "دعيها، وهل يكون الشبه إلا من قبل ذلك، إذا علا ماؤها ماء الرجل أشبه الولد أخواله، وإذا علا ماء الرجل ماءها أشبه أعمامه".
أخرجه مسلم (٣١٤/ ٣٣)، وأبو عوانة (١/ ٢٤٥/ ٨٤٢)، وأبو نعيم في مستخرجه (١/ ٣٦٥/ ٧٠٩)، وأحمد (٦/ ٩٢) [وفي سنده تصحيف يصحح من إتحاف المهرة (١٧/ ٢٧٢)]، وأبو يعلى (٧/ ٣٦٠/ ٤٣٩٥)، والطحاوي في المشكل (٤/ ٦/ ٢٢٤٣ - ترتيبه)، والبيهقي (١/ ١٦٨) و (١٠/ ٢٦٥)، والخطيب في الأسماء المبهمة (١٢٤).
وهذا الحديث مما انتقده الإمام الحافظ أبو الفضل ابن عمار الجارودي الشهيد على الإمام مسلم في كتابه العلل رقم (٨)، حيث قال: "هذا الحديث رواه عن ابن أبي زائدة غير واحد، فقالوا: عبد الله بن مسافع الحجبي، وهو صحيح.
وقد روى عنه ابن جريج حديثًا غير هذا، وحديث أبي غريب خطأ؛ حيث قال: مسافع بن عبد الله".
قلت: لم ينفرد به أبو غريب محمد بن العلاء؛ بل تابعه على تسمية: مسافع بن عبد الله، هكذا: إبراهيم بن موسى الرازي [عند مسلم]، وسهل بن عثمان [عند مسلم]، ومحمد بن الصلت [عند أبي عوانة]، وقتيبة بن سعيد [عند أحمد، والبيهقي]، وسويد بن سعيد [عند أبي يعلى]، وإسماعيل بن خليل [عند البيهقي].
وهؤلاء سبعة من الثقات الحفاظ [عدا سويد بن سعيد؛ فإنه تغير بعدما عمي، فضعف بسبب ذلك]، رووه هكذا: مسافع بن عبد الله، ولم أر من خالفهم في هذا الإسناد عن ابن أبي زائدة.
وأما عبد الله بن مسافع الذي يروي عنه ابن جريج: فهو راو آخر غير مسافع بن عبد الله بن شيبة، كما قال البخاري في التاريخ الكبير (٥/ ٢١٠)، وهذا الحديث الذي يعنيه هو في سجود السهو، فراجعه في الجزء الخاص بتخريج أحاديث سجود السهو ص (٤٠).