فهل نأخذ بقول الجمهور؟ أم نأخذ بقول يحيى بن سعيد القطان؟
الَّذي يظهر لي - والله أعلم - هو الأخذ بقول القطان فإن معه زيادة علم.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى: فإنه باستقراء مناهج الأئمة في حديث عطاء بن السائب فيما يرويه عنه حماد بن سلمة: يتبين في أنهم يعاملونه معاملة من روى عنه بعد الاختلاط.
١ - فمثلًا: ذكر الدارقطني في العلل (١١/ ١٤٣/ ٢١٧٩)، الاختلاف في حديث: "قالت الجنّة: لا يدخلني إلا الضعفاء ... " على عطاء بن السائب، فرواه عنه ابن فضيل بإسنادٍ، ورواه حماد بن سلمة عنه بإسناد آخر، فلم يقض فيه لحماد، بل سوى بينهما فقال: "وعطاء اختلط، ولم يخرجوا عن عطاء، ولا يحتج من حديثه إلا بما رواه الأكابر: شعبة، والثوري، ووهيب، ونظراؤهم.
وأما ابن علية والمتأخرون ففي حديثهم عنه نظر".
٢ - سأل ابن أبي حاتم أباه عن حديث اختلف فيه على عطاء بن السائب فقضى فيه لشعبة على عبد الوارث وجرير، فقال: "شعبة أقدم سماعًا من هؤلاء، وعطاء تغير بأخرة" [العلل (١/ ٤٤٢/ ١٣٢٧)].
فلو كان حماد بن سلمة عنده مثل شعبة في قدم السماع الَّذي لم يختلط عنده بما رواه عنه بعد الاختلاط، لقضى لحماد بن سلمة مثل ما قضي لشعبة لكنه لما سأله ابنه عن حديث رواه أبو كدينة [يحيى بن المهلب]، وعمران بن عيينة، وشعيب بن صفوان، عن عطاء بن السائب، عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، عن جده، قال: جاء حبر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - . . . ، وذكر الحديث، قال أبو حاتم: "رواه حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن القاسم، قال: جاء حبر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال ابنه: قلت لأبي: أيهما أصح من حديث عطاء بن السائب؟ فقال: اتفق ثلاثة أنفس على التوصيل" [العلل (٢/ ٣٩١/ ٢٦٨٤)].
فلم يقض لحماد، ولم يرجح روايته.
٣ - رجح أبو زرعة رواية جرير على رواية حماد بن سلمة، فقال: "حديث جرير أصح"، وهذا مع كون جرير لم يسمع من عطاء قبل الاختلاط مثل حماد [العلل (٢/ ١٧٤٦/٨٤)].
٤ - روى سفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وورقاء بن عمر، وموسى بن أعين، وعبيدة بن حميد، وابن فضيل، وقيس بن الربيع:
عن عطاء بن السائب، عن عبد الله بن حفص، عن يعلى بن مرة، قال: أبصرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبي ردع خلوق ... الحديث.
أخرجه النسائي (٨/ ١٥٣/ ٥١٢٤ و ٥١٢٥)، وأحمد (٤/ ١٧٢ و ١٧٣)، وابنه في زيادات المسند (٤/ ١٧٢)، والحميدي (٨٢٢)، وعبد الرزاق (٤/ ٣٢١/ ٧٩٣٧)، وابن أبي شيبة (٤/ ٥٠/ ١٧٦٧٤)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (٣/ ٢١٢/ ١٥٦٩)، وابن