للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إلا أن الأظهر في هذا أنَّه شك من الراوي في هذه القضية بعينها، فهذا شأن حديث مقسم، ولن نعدم عنه فيه وقفًا وإرسالًا؛ وألفاظًا أخر لا يصح منها شيء غير ما ذكرناه.

وأما ما روي فيه من خمس دينار، أو عتق نسمة: فما منها شيء يعول عليه، فلا يعتمد في نفسه، ولا يطعن به على حديث مقسم، فاعلم ذلك" انتهى كلام ابن القطان [وبعضه مكمل من الإمام (٣/ ٢٦٥ - ٢٦٦)].

قلت: أما الاحتمال الأول: وهو أن شعبة فعل ذلك إبعادًا للظنة عن نفسه، لا لأنَّه موقوف في نفس الأمر، فقد رده ابن دقيق العيد في الإمام (٣/ ٢٦٧)، فقال: "فهذا الفعل مختلف الحال، فإن اللفظ المحكي يقتضي أن ابن عباس قاله، فهذا عندي لا يجوز؛ لأنَّ الحديث إذا كان مرفوعًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ابن عباس راويًا له، وإذا وقف عليه بالصيغة التي ذكرناها [قلت: هو مروي مرفوعًا وموقوفًا بنفس الصيغة بدون أدنى اختلاف بينهما كما تقدم ذكره] انقلب المعنى إلى أن صار مفتيًا به، ولا يجوز أن ينسب إليه قول أو فتوى من غير تحقيق، إذ لا يلزم من الرواية لشيء وقوع الفتوى به، وإن كان اللفظ المحكي لا يصرح بنسبة القول إلى ابن عباس، فهذا محتمل، فعليك بتأمل ألفاظ رواية الوقف، وإجراء الأمر فيها على ما قلناه فيه، يظهر لك احتمال ما قاله ابن القطان أو الحكم بما قاله البيهقي".

قلت: لفظ الموقوف على ابن عباس كالمرفوع كلاهما فتوى؛ وعلى هذا فالقول ما قاله البيهقي من أن شعبة قد رجع عن الرفع إلى الوقف.

قال ابن دقيق العيد: "فإن ثبت أنَّه محكي عن ابن عباس قولًا وفتوى، فيتعين أن يكون رجوعًا كما ذكره البيهقي عن يقين، لا عن شك واحتياط على ما قدرناه ... ".

وأما الاحتمال الثاني: وهو أن شعبة شك بعدما كان متيقنًا من الرفع، فترده رواية عبد الرحمن بن مهدي، ويرده قول أبي حاتم: [وحكى أن شعبة قال: أسنده في الحكم مرة ووقفه مرة"، فلم يكن ذلك تحول من شعبة من حال اليقين إلى حال الشك.

وأما الاحتمال الثالث، فقد أبينا إلا أن يكون شعبة قد رجع عن رفعه:

• فمن رواه إذًا عن الحكم غير شعبة؟

١ - رواه عمرو بن قيس الملائي [ثقة متقن، إلا أنَّه غريب عنه، قال الدارقطني في الأفراد: "غريب من حديث عمرو بن قيس الملائي عن الحكم، تفرد به عمر بن شبيب، وروي عن إسماعيل بن زكريا، عن عمرو بن قيس" (٣/ ٣٢٨ / ٢٨٠٩ - أطرافه)، قلت: عمر بن شبيب: ضعيف؛ وإسماعيل بن زكريا الخلقاني: صدوق فيه لين، فهو غريب عن الملائي، كما قال الدارقطني]، وسفيان بن حسين [ثقة في غير الزهري]، ورقبة بن مصقلة [ثقة مأمون، إلا أن راويته: إبراهيم بن يزيد بن مردانبه: قال أبو حاتم: [شيخ يكتب حديثه، ولا يحتج به"، وروى له النسائي، وذكره ابن حبان في الثقات، التهذيب (١/ ٩٣)، وهو مكثر عن رقبة كأنه راويته]، ومطر بن طهمان الوراق [صالح الحديث، ضعيف في

<<  <  ج: ص:  >  >>