ولفظ وهيب فيه عن أيوب [عند أحمد وغيره]: أن فاطمة استحيضت، وكانت تغتسل في مركن لها فتخرج وهي عالية الصفرة والكدرة، فاستفتت لها أم سلمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "تنتظر أيام قرئها - أو: أيام حيضها - فتاع فيه الصلاة، وتغتسل فيما سوى ذلك، وتستثفر بثوب، وتصلي".
• تنبيهان:
الأول: يفهم من كلام أبي داود أن حماد بن زيد هو المتفرد بتسمية المستحاضة في حديث أيوب، لكن الحقيقة بخلاف ذلك، فإن غالب من روى هذا الحديث عن أيوب سمى المستحاضة: فاطمة بنت أبي حبيش، مثل: سفيان بن عيينة، ووهيب بن خالد، وعبد الوارث بن سعيد، وحماد بن زيد، وإسماعيل ابن علية.
الثاني: وقع في بعض المصادر مثل مشكل الآثار، وبعض مطبوعات المسند لأحمد، وأطراف المسند (٩/ ٣٩٥/ ١٢٥٥٧)، وتحفة الأشراف (٩/ ١٣)، وبعض مخطوطات إتحاف المهرة (١٨/ ١١٥): إدخال "نافع" بين أيوب وسليمان، وهو وهم نبَّه عليه الحافظ ابن حجر في النكت الظراف.
وقد صرح الأئمة بأن هذا الحديث يرويه أيوب السختياني، عن سليمان بن يسار، مثل: ابن الجارود [وتقدم نقل كلامه تحت الحديث رقم (٢٧٧)]، والبيهقي حيث قال في السنن (١/ ٣٣٤): "ورواه أيوب السختياني، عن سليمان بن يسار، عن أم سلمة، إلا أنَّه سمى المستحاضة في الحديث؛ فقال: فاطمة بنت أبي حبيش".
• وقد اختلف في إسناد هذا الحديث على أيوب:
١ - فرواه سفيان بن عيينة، ووهيب بن خالد، وعبد الوارث بن سعيد:
ثلاثتهم [وهم ثقات أثبات، من أثبت أصحاب أيوب]: رووه عن أيوب، عن سليمان بن يسار، عن أم سلمة به، كما تقدم.
٢ - ورواه حماد بن زيد [ثقة ثبت، وهو عند ابن معين، وسليمان بن حرب، والنسائي، وابن عدي وغيرهم: أثبت أصحاب أيوب على الإطلاق]، قال: نا أيوب، عن سليمان بن يسار: أن فاطمة بنت أبي حبيش استحيضت، حتَّى كان المركن ينقل من تحتها وأعلاه الدم، قال: فأمرت أم سلمة تسأل لها النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "تدع الصلاة أيام أقرائها، ثم تغتسل، وتستذفر بثوب، وتصلي".
أخرجه الدارقطني (١/ ٢٠٨)، وابن عبد البر في التمهيد (٦/ ٢٩).
٣ - ورواه إسماعيل ابن علية [ثقة ثبت؛ وهو عند البرديجي، وشعيب بن حرب، وعيسى بن يونس: أثبت أصحاب أيوب على الإطلاق]، عن أيوب، عن سليمان بن يسار: أن فاطمة بنت أبي حبيش استحيضت، فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - أو قال: سئل لها النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فأمرها أن تدع الصلاة أيام أقرائها، وأن تغتسل فيما سوى ذلك، وتستذفر بثوب، وتصلي.
فقيل لسليمان: أيغشاها زوجها؟ فقال: إنما نقول فيما سمعنا.