• وأتبع الطحاوي رواية مالك، والليث، وعمرو بن الحارث، وسعيد بن عبد الرحمن، - بعد أن ذكر لفظهم - برواية:
عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، وهشام، كليهما: عن عروة، عن عائشة - رضي الله عنها - مثله.
كذا قال في شرح المعاني (١/ ١٠٣).
وإسناده إلى ابن أبي الزناد: صحيح.
• والذي أراه - والله أعلم - أنَّه لا تعارض بين رواية الجماعة (٢٤): "وإذا أدبرت"، وبين رواية مالك ومن معه (٥): "فإذا ذهب قدرها"؛ بل إحداهما تفسر الأخرى، ويكون المراد بقوله: "قدرها": قدر دم الحيض المميز بلونه الأحمر القاني، وقوامه الغليظ، ورائحته الكريهة المعروفة.
• فعلى هذا: يكون مجموع من روى الحديث على هذا الوجه سندًا ومتنًا: تسعة وعشرون رجلًا (٢٩)، أو قل: ثلاثون (٣٠) بمتابعة ابن أبي الزناد.
٣ - خالف هؤلاء الثلاثين في لفظه:
أبو أسامة حماد بن أسامة [ثقة ثبت، من أروى الناس عن هشام]، قال: سمعت هشام بن عروة، قال: أخبرنى أبي: عن عائشة: أن فاطمة بنت أبي حبيش سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: إني أستحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ فقال: "لا، إن ذلك عرق، ولكن دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها، ثم اغتسلي وصلي".
أخرجه البخاري (٣٢٥)، وابن المنذر (٢/ ٢٢١ / ٨٠٨)، والدارقطني (١/ ٢٠٦)، وابن حزم (٢/ ٢٠٩)، والبيهقي (١/ ٣٢٤ و ٣٢٥).
وهو عند الدارقطني والبيهقي - في رواية - بمثل لفظ الجماعة، والظاهر أنَّه من تصرف الرواة - والله أعلم - حيث حملوا حديث أبي أسامة على حديث أبي معاوية أو غيره.
• والذي يظهر لي - والله أعلم -: أن أبا أسامة قد دخل له حديث في حديث، وذلك أن أبا أسامة نفسه يروي حديث أم سلمة في المستحاضة المعتادة، وهذا لفظه، وحديث فاطمة بنت أبي حبيش إنما هو في المستحاضة المميزة، كما رواه هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، بلفظ: "فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي"، فعلق الأمر بإقبال دم الحيض وإدباره في حق المميزة التي تميز دم الحيض من دم الاستحاضة، بخلاف حديث أم سلمة فقد علق الأمر فيه بأيام الحيض التي اعتادتها المرأة في كل شهر قبل أن يصيبها الَّذي أصابها من الاستحاضة.
وقد تقدم معنا في الحديث السابق برقم (٢٧٦) أن أبا أسامة وعبدة بن سليمان: رويا عن عبيد الله بن عمر، قال: أخبرني نافع، عن سليمان بن يسار، عن أم سلمة، قالت: سألت امرأة النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: إني أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة؟ قال: "لا، ولكن دعي