للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"فاعلم أن في هذه الآية الكريمة إشارة إلى هذا القول الأخير [يعني: بأنها لابتداء الغاية] وذلك في قوله تعالى: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} [المائدة: ٦] فقوله: {مِنْ حَرَجٍ} نكرة في سياق النفي زيدت قبلها "من"، والنكرة إذا كانت كذلك، فهي نص في العموم. . . فالآية تدل على عموم النفي في كل أنواع الحرج، والمناسب لذلك كون "من" لابتداء الغاية؛ لأن كثيرًا من البلاد ليس فيه إلا الرمال أو الجبال، فالتكليف بخصوص ما فيه غبار يعلق باليد لا يخلو من حرج في الجملة.

ويؤيد هذا: ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أعطيت خمسًا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل" وفي لفظ: "فعنده مسجده وطهوره" الحديث".

• قلت: اللفظ الأخير ليس من حديث جابر، وإنما هو من حديث أبي أمامة الذي:

أخرجه الترمذي في الجامع (١٥٥٣) مختصرًا، وفي العلل الكبير (٤٦٢)، وأحمد (٥/ ٢٤٨ و ٢٥٦)، والروياني (١٢٦٠)، والسراج في مسنده (٤٩٨ - ٥٠٠)، والطبراني في الكبير (٨/ ٢٥٧ و ٢٥٨/ ٨٠٠١ و ٨٠٠٢)، والآجري في الشريعة (١٠٤٨)، والبيهقي (١/ ٢١٢ و ٢٢٢) و (٢/ ٤٣٣)، وابن عبد البر (٥/ ٢٢٢)، والمزي في التهذيب (١٢/ ٣١٨).

من طرق عن سليمان التيمي، عن سيار، عن أبي أمامة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "فضلني ربي على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام -أو قال: على الأمم- بأربع؛ قال: أرسلت إلى الناس كافة، وجعلت الأرض كلها لي ولأمتي مسجدًا وطهورًا، فأينما أدركت رجلًا من أمتي الصلاة فعنده مسجده وعنده طهوره، ونصرت بالرعب مسيرة شهر يقذفه في قلوب أعدائي، وأحل لنا الغنائم".

قال الترمذي في الجامع: "حديث أبي أمامة: حديث حسن صحيح، وسيار هذا يقال له: سيار مولى بني معاوية، وروى عنه سليمان التيمي، وعبد الله بن بحير وغير واحد".

وقال في العلل: "سألت محمدًا [يعني: البخاري] عن هذا الحديث، وقلت له: من سيار هذا الذي روى عن أبي أمامة؟ قال: هو سيار مولى بني معاوية، أدرك أبا أمامة وروى عنه، وروى عن أبى إدريس الخولاني، وروى عن سيار: سليمان التيمي، وعبد الله بن بحير".

قلت: إسناده رجاله ثقات؛ سيار الشامي روى عنه اثنان، وذكره ابن حبان في الثقات من التابعين، وأعاده في أتباع التابعين، ولم يذكر فيه البخاري ولا ابن أبي حاتم جرحًا ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>