للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تعديلًا، ولم يرو منكرًا، وحديثه هذا مشهور عن عدد من الصحابة، وليس فيه ما ينكر عليه، ولا يعرف له سماع من أبي أمامة، والله أعلم [انظر: التاريخ الكبير (٤/ ١٦٠)، الجرح والتعديل (٤/ ٢٥٤)، الثقات (٤/ ٣٣٥) و (٦/ ٤٢٢)، التهذيب (٢/ ١٤٣)]، وصححه ابن القيم في الزاد (١/ ٢٠٠)، وصحح إسناده ابن الملقن في البدر المنير (٢/ ٦٢٤)، وابن حجر في التلخيص (١/ ١٤٩).

وفي معناه أيضًا بإسناد جيد، عن عبد الله بن عمرو، مرفوعًا: "وجعلت لي الأرض مساجد وطهورًا، أينما أدركتني الصلاة تمسحت وصليت"، وسيأتي تخريجه -إن شاء الله تعالى- تحت الحديث رقم (٤٨٩).

قال العلامة الشنقيطي: "فهذا نص صحيح صريح في أن من أدركته الصلاة في محل ليس فيه إلا الجبال أو الرمال أن ذلك الصعيد الطيب الذي هو الحجارة أو الرمل طهور له ومسجد".

وقال ابن دقيق العيد: "قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل" مما يستدل به على عموم التيمم بأجزاء الأرض؛ لأن قوله - صلى الله عليه وسلم -: الأرض، ومن خص التيمم بالتراب يحتاج أن يقيم دليلًا يخص به هذا العموم، أو يقول: دل الحديث على أنه يصلي، وأنا أقول بذلك، فمن لم يجد ماءً ولا ترابًا صلى على حسب حاله، فأقول بموجب الحديث، إلا أنه قد جاء في رواية أخرى: "فعنده طهوره ومسجده"، والحديث إذا اجتمعت طرقه فسر بعضها بعضًا" [إحكام الأحكام (١/ ١٥٢)].

زاد ابن الملقن بعد هذا النقل فقال: "وقال ابن المنذر: ثبت أنه -عليه الصلاة والسلام- قال: "جعلت لي كل أرض طيبة مسجدًا وطهورًا" حكاه الخطابي" [الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (٢/ ١٦٤)].

قال الشنقيطي: "فإن قيل: ورد في الصحيح ما يدل على تعين التراب الذي له غبار يعلق باليد، دون غيره من أنواع الصعيد، فقد أخرج مسلم في صحيحه من حديث حذيفة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فضلنا على الناس بثلاث: جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وجعلت لنا الأرض كلها مسجدًا، وجعلت تربتها لنا طهورًا إذا لم نجد الماء. . ." الحديث، فتخصيص التراب بالطهورية في مقام الامتنان يفهم منه أن غيره من الصعيد ليس كذلك.

فالجواب من ثلاثة أوجه:

الأول: أن كون الأمر مذكورًا في معرض الامتنان مما يمنع فيه اعتبار مفهوم المخالفة، كما تقرر في الأصول، قال في مراقي السعود في موانع اعتبار مفهوم المخالفة:

أو امتنان أو وفاق الواقع ... والجهل والتأكيد عند السامع

ولذا أجمع العلماء على جواز أكل القديد من الحوت، مع أن الله خص اللحم

<<  <  ج: ص:  >  >>