وتابعه على ذلك: إبراهيم بن خالد، عن الثوري، عن أيوب، وخالد، بيَّن قول كل واحد على الصواب".
• وحاصل ما تقدم:
أن هذا الحديث يرويه أيوب السختياني، عن أبي قلابة، عن رجل من بني عامر، عن أبي ذر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ويرويه خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن عمرو بن بجدان، عن أبي ذر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وعليه فالرجل الذي أبهمه أيوب، عرفه وحفظه خالد الحذاء، وهو ثقة حافظ يعتمد على حفظه، وتقبل زيادته -أعني: تسميته للمبهم-؛ لذا قال الإمام الدارقطني في العلل (٦/ ٢٥٥): "والقول: قول خالد الحذاء".
وقال البيهقي في الخلافيات (٢/ ٤٥٧): "عن رجل من بني عامر؛ وهو عمرو بن بجدان، وليس له راو غير أبي قلابة، وهو مقبول عند أكثرهم؛ لأن أبا قلابة ثقة، وإن كان بخلاف شرط الشيخين في خروجه عن حد الجهالة بأن يروي عنه اثنان، والله أعلم".
وقال المنذري: "هذا الرجل من بني عامر هو عمرو بن بجدان" [مختصر السنن (١/ ٢٠٧)].
والحديث -كما تقدم-: صححه الترمذي، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، والجوزقاني، واحتج به أبو داود والنسائي.
ونقل الحافظ في الفتح (١/ ٣٥٤) تصحيحه عن الدارقطني أيضًا، وزاد في التلخيص (١/ ٢٧٠ - ٢٧١): "وصححه أيضًا أبو حاتم".
وخالف هؤلاء الأئمة: ابن القطان الفاسي فقال في بيان الوهم والإيهام (٣/ ٣٢٨): "وهو حديث ضعيف لا شك فيه".
واحتج على تضعيفه بأمرين:
الأول: حال عمرو بن بجدان؛ لتفرد أبي قلابة بالرواية عنه، ووصفه له بجهالة الحال، فقال: "وذلك لأنه لا يعرف لعمرو بن بجدان هذا حالٌ، وإنما روى عنه أبو قلابة".
والثاني: الاختلاف على أبي قلابة في شيخه حيث سماه خالد الحذاء، وأبهمه أيوب، ثم الاختلاف على أيوب في إسناده، فأورد الاختلاف الذي ساقه الدارقطني في علله وسننه، واعتبره اختلافًا قادحًا في الحديث، من جهة الاضطراب، والحق أنه ليس بقادح، ولا يعد مثل هذا اضطرابًا، بل يحكم فيه للأحفظ والأكثر، وتقبل زيادة الثقة الحافظ المتقن، كما فعل الدارقطني، وقدم قول الحذاء على غيره، وقد سبق بيان ذلك، وقد أحسن ابن دقيق العيد في الرد على ابن القطان لإعلاله الحديث بهذا الاختلاف.
انظر: الإمام (٣/ ١٦٦ - ١٦٧).