مثل حديث عمار وفيه:"إنما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا"، وحديث عمران بن حصين:"عليك بالصعيد فإنه يكفيك"، وفي آخره:"خذ هذا فأفرغه عليك".
وعمرو بن بجدان: قليل الرواية، وليس له من الحديث سوى هذا الحديث في التيمم، وحديث آخر يرويه أبو قلابة، عن عمرو بن بجدان، عن أبي زيد الأنصاري [عمرو بن أخطب]، قال: مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدار من دور الأنصار، فوجد ريح قتار، فقال:"من هذا الذي ذبح" فخرج إليه رجل منا، فقال: أنا يا رسول الله، ذبحت قبل أن أصلي لأطعم أهلي وجيراني، فأمره أن يعيد، فقال: لا والله الذي لا إله إلا هو؛ ما عندي إلا جذع أو حمل من الضأن، قال:"اذبحها، ولن تجزئ جذعة عن أحد بعدك".
أخرجه الترمذي في العلل الكبير (٤٤٩)، وابن ماجه (٣١٥٤)، وأحمد (٥/ ٧٧ و ٣٤٠)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (٤/ ٢٠٠/ ٢١٨٤)، والطبراني في الكبير (١٧/ ٢٩ و ٣٠/ ٥٢ و ٥٣).
وهذا الحديث -بغض النظر عن صحته من جهة الإسناد- فإنه متنه غير منكر؛ إذ هو في معنى حديث البراء بن عازب في الصحيحين [البخاري (٩٥١)، وانظر أطرافه. مسلم (١٩٦١)] في قصة خاله أبي بردة بن نيار، إلا ما كان من قوله:"ولن تجزئ جذعة عن أحد بعدك"، لما فيه من المعارضة، وقد تأول ذلك بعضهم. انظر: نصب الراية (٤/ ٢١٧).
وعلى هذا فإن عمرو بن بجدان لم يرو منكرًا، ولم يضعَّف؛ وأكثر ما يقال فيه بأنه غير مشهور بالطلب، وهذا الذي يفسر قول أحمد فيه حين قال له ابنه عبد الله:"عمرو بن بجدان معروف؟ قال: لا؟ " [التهذيب (٣/ ٢٥٨)].
ومثل هذا مما يحتمل في التابعين، ممن لا يعلم فيه جرحة، ولا يعرف له حديث منكر.
فإن اقترن بذلك توثيق العجلي له حيث قال في ثقاته (١٣٦٧): "بصري تابعي ثقة"، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين (٥/ ١٧١)، وصحح له حديثه هذا جماعة، مثل: الترمذي، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، وحُكي عن الدارقطني وأبي حاتم تصحيحه، واحتج به أبو داود والنسائي، ورواية أحد ثقات التابعين عنه [أبو قلابة]، وقصته مع أبي ذر، كل هذا مما يجعل النفس تطمئن إلى ثبوت حديثه هذا، والحكم عليه بالحسن.
فهو حديث حسن.
ولم أصححه لأجل حال عمرو بن بجدان، وعدم شهرته، والله أعلم، وهو الهادي إلى سواء السبيل.
• وهذا الحديث مما وهم فيه بقية بن الوليد، أو سعيد بن بشير:
فقد روى بقية بن الوليد: نا سعيد بن بشير، عن قتادة، عن أبي قلابة، عن رجاء بن عامر، أنه سمع أبا ذر يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. . . فذكره.