للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عن ابن عمر - رضي الله عنهما -: أن رجلًا من المهاجرين الأولين، دخل المسجد وعمر يخطب، فناداه عمر: أية ساعة هذه؟! فقال: ما كان إلا الوضوء ثم الإقبال، فقال عمر: والوضوء أيضًا, وقد علمت أنا كنا نؤمر بالغسل.

أخرجه الطحاوي (١/ ١١٨)، وابن عبد البر (٤/ ٢١٤).

وهذا إسناد صحيح؛ على شرط الشيخين؛ وجويرية بن أسماء يحتمل منه التعدد في الأسانيد، حيث رواه مرة عن مالك، ومرة عن نافع.

قال ابن عبد البر: "ومعلوم أن سماع جويرية من نافع صحيح، وإن كان قد روى أيضًا عن مالك عن نافع أحاديث".

• ومما لم يصح من أسانيد في هذه القصة، انظره في: مصنف عبد الرزاق (٣/ ١٩٥/ ٥٢٩٣ و ٥٢٩٤)، مصنف ابن أبي شيبة (١/ ٤٣٤/ ٤٩٩٩ و ٥٠٠٠)، مسند البزار (١/ ٣٠/ ٢١٣٣)، شرح معاني الآثار (١/ ١١٧)، المعجم الأوسط للطبراني (٥/ ٣٥٩/ ٥٥٥١) و (٨/ ٧٣/ ٨٠٠١)، التمهيد (٤/ ٢١٦).

• وهذا الحديث يصلح دليلًا ومتمسكًا للقائلين بعدم وجوب غسل الجمعة -وهم الجمهور-، ووجه الدلالة منه: أن عمر أول ما أنكر على عثمان إنما هو تأخره وعدم تبكيره إلى صلاة الجمعة؛ حيث قال له: "أية ساعة هذه؟! "، وفي رواية: "ما بال رجال يتأخرون بعد النداء"، وفي رواية: "لم تحتبسون عن الصلاة؟ "، فإن هذا التأخير لا يليق بمكانة عثمان، ومنزلته في الدين، حتى حمل ذلك عمر بن الخطاب على ترك الاشتغال بالخطبة والاشتغال بالإنكار عليه، وإن كان ما تركه عثمان وأخل به ليس من الواجبات، وإنما هو من فضائل الأعمال، إذا تقرر هذا؛ تبين ضعف استدلال من استدل بإنكار عمر على عثمان تركه الغسل، بأن إنكار عمر على رأس المنبر في ذلك الجمع على مثل ذلك الصحابي الجليل، وتقرير جميع الحاضرين الذين هم جمهور الصحابة لما وقع من ذلك الإنكار: من أعظم الأدلة القاضية بأن الوجوب كان معلومًا عند الصحابة.

قال ابن المنذر في الأوسط (٤/ ٤٣): "واحتج إسحاق بهذا الحديث في تأكيد إيجاب الغسل يوم الجمعة، قال: قول عمر إلى الإيجاب أقرب منه إلى الرخصة؛ لأنه لا يدع الخطبة، ويشتغل بمعاتبة مثل عثمان، وتوبيخه على رؤوس الناس بالشيء الذي تركه مباح، لا إثم على تاركه، وقد كان ضاق الوقت فلم يمكنه الرجوع؛ لأنه لو فعل ذلك لفاتته الجمعة، وليس لأحد أن يحتج بقول عمر في الرخصة بترك الغسل من غير علة.

قال أبو بكر: قد ذكر الأخبار الدالة على أن الاغتسال يوم الجمعة ليس بفرض، وأن ذلك ندب وبها نقول".

وانظر: المحلى (٢/ ١٥)، نيل الأوطار (١/ ٣٥٧).

قلت: إنما أنكر عمر على عثمان ما لا يليق بعثمان تركه ولا الإخلال به؛ لعلو منزلته في الدين، فهو ممن يقتدى به والأنظار به معلقة، لذا أنكر عليه عدم تبكيره إلى صلاة

<<  <  ج: ص:  >  >>