وهم بعد ذلك فصار يحدث به سالكًا الجادة والطريق السهل المسلوك، عن التيمي، عن أبي سلمة وأبي أمامة، عن أبي هريرة، وأبي سعيد.
قلت: هو احتمال قوي، يعل به الحديث لو ثبت ذلك، وذلك لأن ابن إسحاق ليس بذاك الحافظ الذي يحتمل منه التعدد في الأسانيد، لا سيما مع اتفاق الحديثين في ألفاظ المتن.
لكني وجدت ابن لهيعة -وهو ممن يعتبر به-، قد روى هذا الحديث. واختلف عليه:
١ - فرواه حسان بن غالب [متروك، اتهم بالوضع. اللسان (٣/ ١٨)] قال: حدثنا ابن لهيعة، عن يونس بن يزيد، عن محمَّد بن إسحاق، عن محمَّد بن إبراهيم، عن عمران بن أبي يحيى، عن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبي أيوب بنحوه مرفوعًا.
أخرجه الطبراني في الكبير (٤/ ١٦١/ ٤٠٠٦).
وهذا منكر وليس بشيء.
ب- ورواه قتيبة بن سعيد [ثقة ثبت] , وشعيب بن يحيى التجيبي المصري [صدوق عابد]: كلاهما عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن حرب بن قيس، عن محمَّد بن إبراهيم التيمي، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري، مرفوعًا بنحوه، وأدرج قول أبي هريرة.
أخرجه الطبراني في الأوسط (٣/ ٢٧٣/ ٣١٢٤)، وابن بشران في الأمالي (١١٠٥) [وفي سنده تصحيف].
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن حرب إلا يزيد، تفرد به ابن لهيعة".
قلت: تفرد ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب لا يضر لسعة رواية ابن لهيعة، وهو مكثر عنه، ومن أهل بلده.
وهذا الإسناد وإن كان ضعيفًا لضعف ابن لهيعة، إلا أنه صالح في المتابعات، وهو يدل على كون الحديث كان معروفًا من حديث محمَّد بن إبراهيم التيمي، ولم ينفرد به ابن إسحاق، بل تابعه عليه حرب بن قيس [روى عنه جماعة، وأثنى عليه عمارة بن غزية، وقال: "كان رضًا"، وذكره ابن حبان في الثقات (٦/ ٢٣٠)، التاريخ الكبير (٣/ ٦١)، الجرح والتعديل (٣/ ٢٤٩)، التعجيل (١٩٥)].
وعليه: فالحديث ثابت، له عن ابن إسحاق إسنادان: أحدهما: صحيح، والآخر في إسناده: عمران بن أبي يحيى التيمي: ليس بالمشهور؛ روى عنه محمَّد بن إبراهيم التيمي وسعيد المقبري، وذكره ابن حبان في الثقات [الثقات (٧/ ٢٤٠)، التاريخ الكبير (٦/ ٤١٩)، الجرح والتعديل (٦/ ٣٠٧)، وانظر: علل الدارقطني (٩/ ٣٢٠/ ١٧٩٢)].
والحديث: صححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم.
• وحديث أبي هريرة: قد خرجه مسلم من طريقين، مختصرًا:
١ - سهيل بن أبي صالح، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من