ورواه الحسن بن سفيان في الأربعين (٢٧)، قال: ثنا عباس بن الوليد: ثنا أبو مسهر به.
وإسناده دمشقي صحيح؛ مقطوع على سعيد بن عبد العزيز، وأبو مسهر: هو عبد الأعلى بن مسهر الغساني.
وحكى البيهقي هذين القولين في السنن الكبرى (٣/ ٢٢٧)، ثم قال:"وهذا هو الصحيح؛ لأنهم كانوا يجعلون في رؤوسهم الخطمي أو غيره، فكانوا أولًا يغسلون رؤوسهم ثم يغتسلون، والله أعلم".
وقال في فضائل الأوقات ص (٤٩٢) بعد حديث أوس بن أوس (٢٧٠): "قوله: "غسل" أراد به -والله أعلم-: غسل رأسه، -يعني: من الخطمى وغيره- ثم "اغتسل"، وهذا قول مكحول، وسعيد بن عبد العزيز، وفي حديث ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اغتسلوا يوم الجمعة، واغسلوا رؤوسكم"، وفي حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كان يوم الجمعة، اغتسل الرجل، وغسل رأسه": دليل على صحة هذا التأويل.
ومنهم من رواه: "غسَّل" بالتشديد، والمراد به: أوجب الغسل على امرأته بمباشرته إياها، لكي يمنعه ذلك من النظر إلى المحارم، والصحيح هو الأول"، وانظر: الشعب (٣/ ٩٧ و ٩٨).
وفي سؤالات أبي بكر الأثرم المطبوع -برواية أبي الحسن علي بن أحمد بن الصباح القزويني- برقم (٦٧)، قال:"سمعت أبا عبد الله، وعنده أبو بكر الطالقاني -صاحب ابن المبارك-، فسأل أبا عبد الله عن تفسير: "من غَسَل واغتسل"؟ فقال: لو كانت "غسَّل" كانت أبين، فأما من قال: "غسَل واغتسل" فهو عندي يشبه ما فسر سفيان بن عيينة "حل وبل"، قال: "حل محلل"، كأنه كلام مكرر، مثل: "وبكر وابتكر "كلام مكرر".
وقال الترمذي بعد حديث أوس (٤٩٦): "ويروى عن عبد الله بن المبارك أنه قال في هذا الحديث: "من غسل واغتسل"؛ يعني: غسل رأسه، واغتسل".
وقال ابن خزيمة في الصحيح (٣/ ١٢٩): "من قال في الخبر: "من غسَّل واغتسل"، فمعناه: جامع فأوجب الغسل على زوجته أو أمته، واغتسل.
ومن قال: "من غسَل واغتسل" أراد: غسل رأسه، واغتسل فغسل سائر الجسد، كخبر طاووس عن ابن عباس"، ثم ساق حديث ابن عباس مرفوعًا:"اغتسلوا يوم الجمعة واغسلوا رؤوسكم"(١٧٥٩).
وقال الخطابي في غريب الحديث (١/ ٣٣٠): "وقوله: "غسل" فقد قيل: أراد غسل أعضاء الطهارة، وقيل: أراد غسل الرأس لما في رؤوس العرب من الشعر، وقيل: معناه: جامع أهله، من قولهم: فحل غُسلة؛ إذا كان كثير الضراب، وقوله: "اغتسل"؛ أراد غسل سائر البدن، وقال الأثرم: هما لفظان بمعنى واحد، كررا للتأكيد؛ ألا تراه يقول في هذا الحديث: "ومشى ولم يركب"، وفي خبر آخر: "واستمع وأنصت"، وهذا كله واحد".