وقال ابن حبان في الصحيح (٧/ ١٩): "قوله: "من غسل" يريد غسل رأسه، "واغتسل" يريد اغتسل بنفسه؛ لأن القوم كانت لهم جمم، احتاجوا إلى تعاهدها، وقوله: "بكر وابتكر"، يريد به: بكر إلى الغسل، وابتكر إلى الجمعة".
وانظر: شرح السُّنَّة للبغوي (٢/ ٥٧٠).
• وقول الجمهور أرجح عندي: لحديث طاوس قال: قلت لابن عباس: ذكروا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "اغتسلوا يوم الجمعة، واغسلوا رؤوسكم، وإن لم تكونوا جنبًا، وأصيبوا من الطيب"، قال ابن عباس: أما الغسل فنعم، وأما الطيب فلا أدري.
أخرجه البخاري (٨٨٤ و ٨٨٥)، ومسلم (٨٤٨)، وأبو نعيم في المستخرج (٢/ ٤٣٨/ ١٩٠٧)، والنسائي في الكبرى (٢/ ٢٦٦/ ١٦٩٣)، وابن خزيمة (٣/ ١٢٩/ ١٧٥٩)، وابن حبان (٧/ ٢١/ ٢٧٨٢)، وأحمد (١/ ٢٦٥ و ٣٣٠ و ٣٦٧)، وعبد الرزاق (٣/ ١٩٨/ ٥٣٠٣)، وأبو زرعة الدمشقي في تاريخه (١/ ٦١٧/ ١٧٦٢)، والبزار (١١/ ١١٦ و ١١٧/ ٤٨٣٧ و ٤٨٣٨)، وأبو يعلى (٤/ ٤٣١ - ٤٣٢/ ٢٥٥٨)، والطحاوي (١/ ١١٥)، والطبراني في الكبير (١١/ ٤٢/ ١٠٩٨١)، وفي مسند الشاميين (٤/ ٢٢٨/ ٣١٤٨)، والبيهقي في السنن (١/ ٢٩٧) و (٣/ ٢٤٢)، وفي الشعب (٣/ ٩٧ - ٩٨/ ٢٩٩٠).
وقول أحمد والأثرم محتمل، ودليله قوي.
• وأما القول بأنه أوجب الغسل على امرأته، ففيه حديث لا يصح:
يرويه أبو عتبة: ثنا بقية: ثنا يزيد بن سنان، عن بكير بن فيروز، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أيعجز أحدكم أن يجامع أهله في كل جمعة، فإن له أجرين: أجر غسله، وأجر غسل امرأته".
أخرجه عن أبي عتبة: أبو العباس الأصم في الثالث من حديثه (٢١٢ - برواية أبي بكر الطوسي)، ومن طريقه: البيهقي في الشعب (٣/ ٩٨/ ٢٩٩١).
وقال: "في روايات بقية نظر، فإن صح ... ".
قلت: بكير بن فيروز: روى عنه جماعة بعضهم من التابعين، وذكره ابن حبان في الثقات، وسمع أبا هريرة [التهذيب (١/ ٢٤٩)، التاريخ الكبير (٢/ ١١١)].
ويزيد بن سنان أبو فروة الرهاوي: ضعيف، مشاه بعضهم، وقال ابن عدي: "وعامة حديثه غير محفوظ" [التهذيب (٤/ ٤١٦)، الميزان (٤/ ٤٢٧)].
وأبو عتبة أحمد بن الفرج الحمصي: مشاه بعضهم وهو ضعيف، ضعفه أهل بلده محمد بن عوف الطائي وابن جوصاء، بل كذبه محمد بن عوف، وقال: "ليس عنده في حديث بقية أصل، هو فيها أكذب الخلق ... " [اللسان (١/ ٥٧٦)].
ثم وجدته قد توبع عليه:
تابعه: محمد بن مصفى الحمصي [صدوق، له أوهام، يدلس ويسوي]، قال: ثنا بقية به مثله.