• ورواه سليمان بن بلال، عن عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس، وسأله رجل عن الغسل يوم الجمعة أواجب هو؟ قال: لا، من شاء اغتسل، وسأحدثكم عن بدء الغسل: كان الناس محتاجين، وكانوا يلبسون الصوف، وكانوا يسقون النخل على ظهورهم، وكان مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - ضيقًا متقارب السقف، فراح الناس في الصوف فعرقوا، وكان منبر النبي - صلى الله عليه وسلم - قصيرًا، إنما هو ثلاث درجات، فعرق الناس في الصوف فثارت أرواحهم، أرواح الصوف، فتأذى بعضهم ببعض، حتى بلغت أرواحهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على المنبر، فقال: "يا أيها الناس إذا جئتم الجمعة فاغتسلوا، وليس أحدكم من أطيب طيب إن كان عنده".
أخرجه ابن خزيمة (٣/ ١٢٧/ ١٧٥٥)، والحاكم (١/ ٢٨٠ - ٢٨١) و (٤/ ١٨٩)، وأحمد (١/ ٢٦٨ - ٢٦٩)، وعبد بن حميد (٥٩٠)، والبيهقي (٣/ ١٨٩)، وابن عبد البر (١٠/ ٨٦) و (١١/ ٢١٤).
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه".
قلت: لم يخرج الشيخان شيئًا بهذا الإسناد، بل إن الترمذي لما روى بهذا الإسناد حديث البهيمة قال: "سألت محمدًا [يعني: البخاري، عن حديث عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس؟ فقال: عمرو بن أبي عمرو: صدوق، ولكن روى عن عكرمة مناكير، ولم يذكر في شيء من ذلك أنه سمع عن عكرمة"، ثم قال: "ولا أقول بحديث عمرو بن أبي عمرو أنه: من وقع على بهيمة أنه يقتل، [علل الترمذي الكبير (٤٢٧)].
قلت: فكيف يقال بعد ذلك بأن هذا الإسناد على شرط البخاري، وهو يضعفه.
وضعفه أيضًا: ابن حزم في المحلى (٢/ ١٢).
وقال ابن حجر وابن رجب بأن البخاري لم يخرج لعمرو بن أبي عمرو عن عكرمة شيئًا في الصحيح [هدي الساري (٤٥٣)، شرح علل الترمذي (٢/ ٧٩٨)].
وقال أحمد: "كل أحاديثه عن عكرمة مضطربة".
قال ابن رجب: "لكنه نسب الاضطراب إلى عكرمة لا إلى عمرو" [شرح العلل (٢/ ٧٩٨)].
قلت: هو كما قال البخاري: "روى عن عكرمة مناكير، ولم يذكر في شيء منها أنه سمع عكرمة".
• وقد أنكروا على عمرو بن أبي عمرو حديثه عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعًا: "من أتى بهيمة فاقتلوه" [انظر: التهذيب (٣/ ٢٩٤)، الميزان (٣/ ٢٨٢)، سنن أبي داود (٤٤٦٤)، جامع الترمذي (١٤٥٥)، علل الترمذي الكبير (٤٢٧)].
• وحديثه هذا أيضًا هو من مناكيره عن عكرمة:
وذلك لأن طاووسًا روى عن ابن عباس خلاف هذا، قال طاووس: قلت لابن عباس: ذكروا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "اغتسلوا يوم الجمعة، واغسلوا رؤوسكم، وإن لم تكونوا