للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فهؤلاء ثلاثة من الثقات الحفاظ رووا هذا الحديث عن عبد الله بن عمر العمري، ولا أعلم حدث به أحد الثقات من أصحاب عبيد الله بن عمر غير عبد الرزاق بن همام الصنعاني، وهو مضعَّف في عبيد الله بن عمر، له عنه مناكير، قال أحمد: "روى عن عبيد الله أحاديث مناكير، هي من حديث العمري"، وقال يحيى بن معين بأن أحاديث عبد الرزاق، عن عبيد الله بن عمر: منكرة. [انظر: شرح علل الترمذي (٢/ ٧٧٠ و ٨٠٩)].

فكيف يقبل تفرد عبد الرزاق بهذا الحديث دون أصحاب عبيد الله الثقات على كثرتهم، وقد وهم عبد الرزاق في زيادة عبيد الله بن عمر في الإسناد، إنما هو حديث عبد الله بن عمر العمري.

فإن قيل: قد يكون هذا الحديث مما حدث به عبد الرزاق بعدما أضر وفقد بصره؟ فيقال: قد حدث به عن عبد الرزاق جماعة من متقدمي أصحابه مثل: أبي الأزهر أحمد بن الأزهر، وسلمة بن شبيب، ومحمد بن يحيى الذهلي، وتابعهم: محمد بن علي بن سفيان النجار، وإسحاق بن إبراهيم الدبري [انظر: شرح العلل (٢/ ٧٥٢)، التقييد والإيضاح (٤٣٧)، الكواكب النيرات (٣٤)].

- فإن قيل: حدث بهذا الحديث أيضًا عن عبيد الله بن عمر العمري: سفيان الثوري، فيكون متابعًا لعبد الرزاق، ويثبت به حديث عبيد الله بن عمر، ويصح عنه.

فيقال: لا يصح في ذلك شيء عن الثوري:

١ - فقد أخرج الخطيب في المبهمات ص (٤١) قال: أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله المعدل [هو أبو الحسين بن بشران الثقة الحافظ المشهور. السير (١٧/ ٣١١)]: أخبرنا علي بن محمد بن أحمد المصري [هو أبو الحسن البغدادي الواعظ المشهور بالمصري: ثقة عارف. السير (١٥/ ٣٨١)]: حدثنا ابن أبي مريم: حدثنا محمد بن يوسف: حدثنا سفيان بن سعيد، عن عبيد الله بن عمر، أو عبد الله بن عمر، عن المقبري، عن أبي هريرة: أن ثمامة بن أثال الحنفي أسلم فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يصلي.

وهذا حديث باطل، وابن أبي مريم هذا على ضعفه فقد اضطرب فيه، فقد أخرج الخطيب أيضًا في المبهمات ص (٤٠ - ٤١) قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن يحيى بن جعفر إمام المسجد الجامع بأصبهان [ثقة. السير (١٧/ ٤٧٨)]: حدثنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني: حدثنا عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم: حدثنا محمد بن يوسف الفريابي: حدثنا سفيان، عن عبد الله بن عمر، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة: أن ثمامة بن أثال أسلم، فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يغتسل ويصلي.

هكذا رواه ابن أبي مريم هذا مرة، عن الفريابي، عن الثوري، عن عبيد الله بن عمر، أو عبد الله بن عمر، هكذا على الشك، ورواه مرة أخرى فقال: عبد الله بن عمر، ولم يشك.

وعلى فرض ثبوت الحديث عن سفيان الثوري، فأولى الروايات شبهًا بالصواب:

<<  <  ج: ص:  >  >>