والثاني: أن البخاري، وأبا حاتم، وابن حبان، لم يفرقا بين الذي يروي عن أم حبيبة وبين الذي يروي عن قبيصة، ويوسف بن الحكم، بل جعلوهما واحدًا، وتابعهم على ذلك: ابن سميع، كما في تاريخ دمشق.
قال ابن حبان في ثقات التابعين: "محمد بن أبي سفيان الثقفي: يروي عن أم حبيبة، روى عنه ضمرة بن حبيب بن صهيب، وهو الذي روى عنه الزهري، عن يوسف بن الحكم، عن محمد بن سعد".
وعلى هذا فإن محمد بن أبي سفيان الثقفي هذا: حسن الحديث، روى عنه جماعة من الثقات، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين [انظر: التاريخ الكبير (١/ ١٠٣)، الجرح والتعديل (٧/ ٢٧٥)، الثقات (٥/ ٣٧٨)، تاريخ دمشق (٤٩/ ١٥٧) و (٥٣/ ١٠٨)، التهذيب (٣/ ٥٧٦)].
فهذا إسناد شامي حسن، سمع بعضهم من بعض، وبه يصح حديث الباب؛ حديث أم حبيبة.
• وله إسناد آخر عن معاوية بن أبي سفيان:
أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (٥/ ٤٢٠ و ٤٢١/ ٣٠٧٥ و ٣٠٧٦)، والطبراني في الكبير (٢٣/ ٢٢١/ ٤٠٧)، وفي مسند الشاميين (٣/ ٣٤٢ و ٣٤٣/ ٢٤٣٦ و ٢٤٣٧)، وابن عدي في الكامل (٥/ ٣٦٠).
من طريق عثمان بن عطاء الخراساني، وعبد الجبار بن عمر الأيلي:
كلاهما عن عطاء الخراساني: عن يحيى بن أبي المطاع [وهو: الأردني، ثقة] [وفي رواية: مطرف بن مطاع الغفاري، ولم أقف له على ترجمة]: أنه سمع معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه -، يقول: دخلت على أم حبيبة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإذا النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي في ثوب موشح به في مسجد في بيتها، ورأسه يقطر. قلت: يا أم المؤمنين! ألا أرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي في ثوب واحد؟ قالت: نعم، وهو الذي كان فيه ما كان.
عثمان بن عطاء بن أبي مسلم الخراساني: ضعيف روى عن أبيه أحاديث منكرة [التهذيب (٣/ ٧٢)]، وعبد الجبار بن عمر الأيلي: منكر الحديث [التهذيب (٢/ ٤٦٩)].
وخالفهما فأسقط الواسطة بين عطاء ومعاوية من الإسناد:
إسماعيل بن عياش، قال: أخبرني عطاء الخراساني، عن معاوية بن أبي سفيان، قال: دخلت على أم حبيبة ... ، فذكره بنحوه.
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (١/ ٢٧٦/ ٣١٦٦)، وفي المسند (٣/ ٣٨٣/ ٣٢٧ - مطالب)، وأبو يعلى (١٣/ ٦١/ ٧١٤٠).
وهذا أولى بالصواب، فإن إسماعيل بن عياش روايته عن أهل الشام مستقيمة، وهذا منها، فإن عطاء بن أبي مسلم الخراساني نزل الشام، وعليه:
فالإسناد ضعيف؛ لانقطاعه، فإن عطاء لم يدرك جماعة من الصحابة ممن ماتوا بعد