للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "أما حديث عمار بن ياسر فلا أصل له، في إسناده: ثابت بن حماد، قال الدارقطني: ضعيف جدًّا، وقال ابن عدي: له مناكير" [المجموع (٢١/ ٥٩٤)].

وقال ابن عبد الهادي في التنقيح (١/ ٨٣): "وذكر شيخنا العلامة أبو العباس [يعني: شيخ الإسلام] أن هذا الحديث كذب عند أهل المعرفة بالحديث.

وقال أبو الخطاب في الانتصار لما احتج عليه بهذا الحديث: قلنا: هذا الخبر ذكر هبة الله الطبري [يعني: اللالكائي] أنه يرويه ثابت بن حماد، وإن أهل النقل أجمعوا على ترك حديثه".

وقال ابن القيم في إعلام الموقعين (٢/ ٣٧٢): "والحديث لا يثبت".

وقال ابن الملقن في البدر المنير (١/ ٤٩٣): "هذا الحديث: باطل، لا يحل الاحتجاج به".

وهو كما قالوا، وهذا اتفاق من أهل الحديث وغيرهم على نكارة هذا الحديث وبطلانه. وانظر: الميزان (١/ ٣٦٣)، اللسان (٢/ ٣٨٤)، الأحكام الوسطى لعبد الحق الإشبيلي (١/ ٢٣٣)، ونقل كلام ابن عدي والبزار وأقره.

• وفي نهاية هذا البحث: نخلص منه بأنه ما صح في هذا الباب إلا:

١ - حديث: إبراهيم، عن همام، والأسود، وعلقمة، عن عائشة - رضي الله عنها -: أنها كانت تفرك المني من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيصلي فيه. وفي رواية: "تحته".

٢ - حديث: شبيب بن غرقدة، عن عبد الله بن شهاب الخولاني، عن عائشة، قالت: لقد رأيتني وإني لأحكه من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يابسًا بظفري.

٣ - حديث: عمرو بن ميمون، عن سليمان بن يسار، عن عائشة: أنها كانت تغسل المني من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وفي رواية: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يغسل المني، ثم يخرج إلى الصلاة في ذلك الثوب، وأنا أنظر إلى أثر الغسل فيه.

وليس في هذه الأحاديث ما يدل على نجاسة المني، فإن احتج محتج بحديث الغسل، قلنا: هو مجرد فعل، والأفعال بمجردها لا تدل على الوجوب، بل غايتها الاستحباب، ثم هو مقابل بثبوت الفرك.

فإن قيل: الفرك والحتُّ نوع من الإزالة الدال على النجاسة.

قلنا: لو كان الفرك والحتُّ يطهره لاكتفي به في دم الحيض، ولما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأسماء: "ثم اقرصيه بالماء"، ولأخبرها بأن الحتَّ يجزئها؛ وأن القرص بالماء زائد على القدر المجزئ، ومعلوم بأن المائعات مثل: الدم والمني وغيرهما مما تتشربه أنسجة الأقمشة القطنية والكتانية وغيرها المصنوعة من الألياف النباتية، والفرك والحت إنما يزيل الطبقة السطحية فقط دون ما تشربته أنسجة الأقمشة، فلو كان المني نجسًا لما اكتفي فيه بالفرك والحت، ولما طهره إلا الغسل بالماء مثل دم الحيض ومثل البول وغيرهما من النجاسات.

<<  <  ج: ص:  >  >>