للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في نعليه، فخلع نعليه، فخلع الناس نعالهم، فقال: "لم خلعتم نعالكم؟ "، قالوا: خلعت فخلعنا، قال: "إن جبريل أخبرني أن فيها أذى، فإذا جاء أحدكم إلى المسجد، فليقلب نعليه، فإن كان فيهما أذى فليمطه، وإلا فليصل فيهما".

قال البوصيري في إتحاف السادة المهرة (٢/ ٤٠٨/ ١٣٥٠ - مختصره): "رواه الحارث بن أبي أسامة بسند ضعيف، لضعف الحسن بن قتيبة"، وهو كما قال، انظر: اللسان (٣/ ١٠٦).

والعمدة على رواية أبي داود، وهو مرسل بإسناد صحيح.

• وأما فقه الحديث:

فقد دل حديث أبي سعيد الخدري على أن التراب مطهر لأسفل النعل، لكن بعض الأئمة تأول الحديث وحمله على ما يستقذر دون النجاسات:

قال البيهقي في المعرفة (٢/ ٢٢٥): "وكأن الشافعي في الجديد حمله على ما يستقذر من الطاهرات، ... ".

وقال أحمد في المسند (٣/ ٩٢): "لم يجئ في هذا الحديث بيان ما كان في النعل".

قلت: صح في بعض الروايات بلفظ "الخبث"، كما في رواية يزيد بن هارون، وتقدم ذكرها، والخبث: النجس.

وقد رد ابن القيم على من تأول الحديث على ما يستقذر من الطاهرات، فقال في إغاثة اللهفان (١/ ١٤٦): "وتأويل ذلك على ما يستقذر من مخاط أو نحوه من الطاهرات لا يصح لوجوه:

أحدهما: أن ذلك لا يسمى خبثًا.

الثاني: أن ذلك لا يؤمر بمسحه عند الصلاة فإنه لا يبطلها.

الثالث: أنه لا تخلع النعل لذلك في الصلاة، فإنه عمل لغير حاجة، فأقل أحواله الكراهة.

الرابع: أن الدارقطني روى في سننه في حديث الخلع من رواية ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما دم حلمة والحلم: كبار القرادُ.

قلت: تقدم بيان نكارته، وأنه حديث باطل، لا يصح الاستشهاد به.

ولأنه محل يتكرر ملاقاته للنجاسة غالبًا؛ فأجزأ مسحه بالجامد كمحل الاستجمار، بل أولى، فإن محل الاستجمار يلاقي النجاسة في اليوم مرتين أو ثلاثًا".

قلت: ومما يؤكد عدم حمل الحديث على ما يستقذر من الطاهرات ما ثبت من حديث أنس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى نخامة في القبلة، فشق ذلك عليه، حتى رُئي في وجهه فقام فحكه بيده، فقال: "إن أحدكم إذا قام في صلاته، فإنه يناجي ربه، -أو: إن ربه بينه وبين القبلة-، فلا يبزقن أحدكم قِبَل قبلته، ولكن عن يساره، أو تحت قدمه"، ثم أخذ طرف ردائه، فبصق فيه، ثم رد بعضه على بعض، فقال: "أو يفعل هكذا" [أخرجه

<<  <  ج: ص:  >  >>