للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال عمرو: وأعتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة بالعشاء، فخرج عمر فقال: الصَّلاة يا رسول الله، قد رقد النساء والولدان، قال عمرو: فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ورأسه يقطر ماءً، وهو يقول: "إنَّه للوقت؛ لولا أن أشق على المؤمنين ما صليت إلَّا هذه الساعة".

قال ابن جريج: أخر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة بالعشاء، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورأسه يقطر ماءً، وهو يقول: "إنَّه للوقت، لولا أن أشق على المؤمنين ما صليت إلَّا هذه الساعة".

قال ابن جريج: فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يمسح الماء عن شقه، وهو يقول: "إنَّه للوقت؛ لولا أن أشق على أمتي". لفظ الحميدي.

أخرجه البُخاريّ (٧٢٣٩)، وأبو عوانة (١/ ٣٠٤/ ١٠٧٤)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (٢/ ٢٣٧/ ١٤٢٦)، وأحمد (١/ ٢٢١)، والحميدي (٤٩٩)، وأبو يعلى (٤/ ٢٨٧/ ٢٣٩٨)، وابن الجوزي في التحقيق (٣٥١).

ولا شك أن هذه الرِّواية الثَّانية هي الصواب: مرسل من حديث عمرو بن دينار، والمتصل: وهم.

لكن هل وهم الثقات الستة الذين رووه عن ابن عيينة متصلًا، أم أن ابن عيينة هو الذي وهم فيه، فحدث به مرَّة هكذا ومرَّة هكذا، أم ماذا؟!

قال أبو عوانة في صحيحه: "وروى هذا الحديث ابن أبي عمر [يعني: العدني]،عن سفيان مجود، عن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس، وهو عندي خطأ إن شاء الله؛ لأنَّ إبراهيم بن بشار الرمادي كان ثقة من كبار أصحاب سفيان، وممن سمع قديمًا منه، وقد بين أن ابن عيينة لم يجاوز به عطاء، وكذلك الشَّافعي [يعني: الإمام محمَّد بن إدريس] لم يذكر حديث عمرو.

فلو كان متصلًا لأدخله أبو الحسين [يعني: الإمام مسلم بن الحجاج] في كتابه [يعني: الصَّحيح] ولم أره أدخله".

قلت: لو كان أدخله لفعل ذلك لبيان علته فحسب، مثلما فعل البُخاريّ في صحيحه، وكذلك لكون رواية عمرو مقرونة برواية ابن جريج في حديث سفيان، والله أعلم.

وهذا الذي قاله أبو عوانة محتمل في بعض الرواة عن ابن عيينة، أن يكون وهم فيه عليه، لا في كلهم، وذلك أن سفيان بن عيينة نفسه كان يقرن بين عمرو وابن جريج دون أن يفصل حديث أحدهما من الآخر، كما وقع في رواية سعيد بن منصور.

والذي يؤكد ذلك ويوضحه قول الحميدي في مسنده بعد هذا الحديث: "وكان سفيان ربَّما حدث بهذا الحديث فأدرجه عن ابن عباس، عن عمرو وابن جريج، ما يذكر فيه الخبر، فإذا قال فيه: حدّثنا وسمعت، أو: سمعت، أو: أخبرنا، أخبر بهذا على هذا، وهذا على هذا".

وحديث سفيان بن عيينة المرسل -في الصَّحيح عنه-: أصح من حديث محمَّد بن مسلم الطائفي المتصل، والذي يعد من أوهامه على عمرو بن دينار، قال ابن حجر في

<<  <  ج: ص:  >  >>