قلت: هو حديث منكر؛ لتفرد الحنيني به عن هشام، بل ومخالفته في إسناده لرواية الثقات عن هشام.
وباستثناء هذه الرِّواية، فحديث هشام بن سعد: حديث مضطرب، اضطرب فيه هشام، ولم يقم إسناده: فإنَّه ليس بذاك الحافظ، بل قد ضعفه النَّسائيّ وابن معين، ليناه في رواية، ووافقهما على تليينه جماعة [انظر: التهذيب (٤/ ٢٧٠) وغيره].
هـ - ورواه معمر بن راشد [ثبت في الزُّهريّ وابن طاووس، وقد يهم في حديث غيرهما]، عن زيد بن أسلم: أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره هكذا مرسلًا.
أخرجه عبد الرَّزاق (١/ ٥٧٣/ ٢١٨٢)، عن معمر به.
و- ورواه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم [ضعيف]، عن أبيه، عن محمود بن لبيد الأنصاري، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره.
أخرجه أحمد (٥/ ٤٢٩).
ز- ورواه يزيد بن عبد الملك النوفلي [منكر الحديث]، عن زيد بن أسلم، عن أنس بن مالك به مرفوعًا.
أخرجه البزار (١٢/ ٣٥٠/ ٦٢٤٤)، والدارقطني في الأفراد (٢/ ٩٣/ ٨٣٥ - أطرافه)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (١/ ١٢٨).
قال الدارقطني: "غريب من حديث زيد، تفرد به يزيد بن عبد الملك النوفلي".
وقال في العلل (٥/ ٢٢٩/ أ) (١٥/ ٤٢٤/ ٤١١٨): "وهم فيه أيضًا".
قلت: هو حديث منكر، لا يعرف من حديث أنس بن مالك من طريق يصح، خالف فيه النوفلي -على ضعفه- ما رواه أصحاب زيد بن أسلم على اختلافهم فيه.
وأخيرًا: فإنَّه إذا استبعدنا ما رواه الضعفاء والمجاهيل، ورواية هشام بن سعد المضطربة، ورواية معمر لغلبة الظن بوهمه فيها.
فلا يبقى بعد ذلك إلَّا رواية أبي غسان، عن زيد، عن عاصم، عن محمود، عن رجل من الأنصار، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.
ورواية حفص بن ميسرة والدراوردي كلاهما، عن زيد، عن عاصم، عن رجل من الصّحابة، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.
• والذي يظهر لي: أن رواية أبي غسان أولى بالصواب.
وذلك لأنَّ أبا غسان: ثقة مدني، وأهل بلد الرجل أعلم بحديثه من غيره.
فإن قيل: قد رواه بالإسناد الثَّاني: مدني وصنعاني نزل عسقلان، والحديث الذي اشتهر في بلده وخارجها أولى من الذي لم يعرف إلَّا في بلده.
ورواية الاثنين أبعد عن الوهم من رواية الواحد.
فيقال: أولًا: عبد العزيز بن محمَّد الدراوردي المدني: صدوق، صحيح الكتاب، إلَّا أنَّه كان سيئ الحفظ، فربما حدث بهذا الحديث من حفظه فأخطأ فيه.