• وأخيرًا؛ فإنَّه لا يصح في الإسفار بصلاة الفجر سوى: ما رواه عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن رافع بن خديج، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: "أسفروا بالفجر؛ فإنَّه أعظم للأجر"، وفي لفظ: "أصبحوا بالصبح فإنَّه أعظم للأجر"، وهو حديثٌ صحيحٌ، صحَّحه جماعة من الأئمة.
• وأما أحاديث التغليس فكثيرة منها:
١ - حديث عائشة - رضي الله عنها -: أنَّها قالت: أن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلي الصبح، فينصرف النساء متلفعات بمروطهن، ما يُعرفن من الغلس.
متفق عليه، وتقدم برقم (٤٢٣).
٢ - حديث جابر: لما سئل عن وقت صلاة النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: كان يصلِّي الظهر بالهاجرة، والعصر والشمس حية، والمغرب إذا غربت الشَّمس، والعشاء إذا كثر النَّاس عجل، وإذا قلوا آخر، والصبح بغلس.
متفق عليه، وتقدم برقم (٣٩٧).
٣ - حديث أبي برزة: وآخره: وكان ينفتل من صلاة الغداة حين يعرف الرجل جليسه، ويقرأ بالستين إلى المائة.
متَّفقٌ عليه، وتقدم برقم (٣٩٨)، وقد دل على أنَّه - صلى الله عليه وسلم - كان يدخل في الصَّلاة بغلس، ويطيل فيها القراءة حتَّى ينصرف والرجل يعرف جليسه الذي يجلس إلى جواره من الغلس، قال ابن رجب: "وهذا يدل على شدة التغليس بها" [الفتح (٣/ ٢١٨)].
٤ - حديث ابن عمر: يرويه الأوزاعي، قال: حدّثنا نهيك بن يريم الأوزاعي: حدّثنا مغيث بن سمي، قال: صليت مع عبد الله بن الزُّبير الصبح بغلس، [وكان يسفر بها]، فلما سلم أقبلت على ابن عمر، فقلت: ما هذه الصَّلاة؟
قال: هذه صلاتنا كانت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأبى بكر، وعمر، فلما طعن عمر أسفر بها عثمان.
أخرجه ابن ماجة (٦٧١)، وابن حبان (٤/ ٣٦٣/ ١٤٩٦)، ويعقوب بن سفيان الفسوي في المعرفة والتَّاريخ (٢/ ٢٥٥)، وأبو يعلى (١٠/ ١١٩/ ٥٧٤٧)، وابن المنذر (٢/ ٣٧٨ و ٣٧٩/ ١٠٦١ و ١٠٦٥)، والطحاوي (١/ ١٧٦)، وأبو نعيم في الحلية (٦/ ٧٠)، والبيهقيّ في السنن (١/ ٤٥٦)، وفي المعرفة (١/ ٤٦٩/ ٦٣٥)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (٥٩/ ٤٥٢ و ٤٥٣) و (٦٢/ ٣٢٦ - ٣٢٧ و ٣٢٧)، والمزي في تهذيب الكمال (٣٠/ ٣٦).
قال البيهقي -ومن طريقه ابن عساكر-: "وفي كتاب العلل لأبي عيسى التِّرمذيِّ، قال: قال محمَّد بن إسماعيل البُخاريّ: حديث الأوزاعي عن نهيك بن يريم في التغليس بالفجر: حديث حسن".
وقال الفسوي: حدّثنا عبد الرحمن بن إبراهيم [دحيم]، قال: حدّثنا الوليد، قال: حدّثنا الأوزاعي، قال: حدثني نهيك بن يريم الأوزاعي -لا بأس به-، عن مغيث بن سمي الأوزاعي، -وهؤلاء رجال الشَّام ليس فيهم إلا ثقة- . . . ، وذكر الحديث.