للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعلى هذا فالحديث إسناده ضعيف؛ لأجل المخدجي، والله أعلم.

وأمَّا أبو محمَّد المذكور في الحديث، فقد اختلف في اسمه على ستة أوجه، راجع الإصابة (١٠٥١٠) وغيره.

وأمَّا قول عبادة: "كذب أبو محمَّد"، فهو من باب الإغلاظ في الإنكار، قال ابن حبان في صحيحه (١٧٣٢): "قول عبادة: "كذب أبو محمَّد"، يريد به أخطأ، وكذلك قول عائشة، حيث قالت لأبي هريرة، وهذه لفظة مستعملة لأهل الحجاز إذا أخطأ أحدهم يقال له: كذب، والله جل وعلا نزه أقدار أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن إلزاق القدح بهم حيث قال: {يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ} [التحريم: ٨] فمن أخبر الله جل وعز أنَّه لا يخزيه في القيامة فبالحري أن لا يُجرح، والرجل الذي سأل عبادة هذا هو أبو رفيع المخدجي".

وقال الخطابي في غريب الحديث (٢/ ٣٠٢): "وقوله: "كذب أبو محمَّد" لم يذهب به إلى الكذب الذي هو الانحراف عن الصدق والتعمد للزور، وإنما أراد به أنَّه زلَّ في الرأي وأخطأ في الفتوى، وذلك لأنَّ حقيقة الكذب إنَّما يقع في الإخبار، ولم يكن أبو محمَّد في هذا مخبرًا عن غيره، وإنَّما كان مفتيًا عن رأيه، وقد نزه الله أقدار الصّحابة عن الكذب، وشهد لهم في محكم كتابه بالصدق والعدالة فقال: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [الحديد: ١٩]، ولأبي محمَّد هذا صحبة، وهو رجل من الأنصار من بني النجار، واسمه مسعود بن زيد بن سبيع: مشهور عند العلماء، وقد يجري الكذب في كلامهم مجرى الخطأ، ويوضع موضع الخلف، يقول القائل: كذب سمعي وكذب بصري، وقال - صلى الله عليه وسلم - للرجل الذي وصف له العسل: "صدق الله وكذب بطن أخيك وقال الأخطل:

كذبتك عينك أم رأيت بواسط ... ملس الظلام من الرباب خيالا

... " وانظر أيضًا المعالم (١/ ١١٦).

٢ - زمعة بن صالح، عن الزُّهريّ، عن أبي إدريس الخولاني، قال: كانت في مجلس من أصحاب النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فيهم عبادة بن الصَّامت، فذكروا الوتر، فقال بعضهم: واجب. وقال بعضهم: سنة. فقال عبادة بن الصَّامت: أمَّا أنا فأشهد أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "أتاني جبرائيل - صلى الله عليه وسلم - من عند الله تبارك وتعالى، فقال: يا محمَّد! إن الله -عزَّ وَجَلَّ- يقول: إنِّي قد فرضت على أمتك خمس صلوات، من وافى بهنَّ على وضوئهنَّ ومواقيتهنَّ وركوعهنَّ وسجودهنَّ، فكان له عندي بهنَّ عهدًا أن أدخله بهنَّ الجنَّة، ومن لقيني قد انتقص من ذلك شيئًا -أو: كلمة شبهها- فليس له عندي عهدٌ؛ إن شئت عذبته، وإن شئت رحمته".

أخرجه الطيالسي (١/ ٤٦٧/ ٥٧٤)، والزار (٧/ ١٦٠/ ٢٧٢٤)، وابن نصر المروزي في تعظيم قدر الصَّلاة (١٠٥٤)، وأبو نعيم في الحلية (٥/ ١٢٦)، والضياء المقدسي في المختارة (٨/ ٣٠٥/ ٣٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>