للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيقال: إن الطنافسي كوفي، وهو أقدم وفاة من عثمان بن عمر، فالأظهر أنَّه قديم السماع من المسعودي، ومما يرجح هذه الرِّواية: أن المسعودي قد توبع عليها:

أ - فقد رواه عبيدة بن حميد [كوفي، صدوق]، قال: ثنا عبد الملك بن عمير، عن عثمان بن أبي حثمة، عن جدته الشفاء - رضي الله عنها -، قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسأله رجل: أي العمل أفضل؟ قال: "إيمان بالله، وجهاد في سبيل الله، وحج مبرور".

أخرجه البُخاريّ في خلق أفعال العباد (١٦٠)، وأبو عوانة في صحيحه (٤/ ٥١٥/ ٧٥٤٧)، والفاكهي في أخبار مكّة (١/ ٤٠٨/ ٨٧٨)، والطبراني في الكبير (٢٤/ ٣١٤/ ٧٩١)، والمزي في التهذيب (١٩/ ٣٨٣).

وفي هذه الرِّواية تعيين المبهم من آل أبي حثمة، وهو عثمان بن سليمان بن أبي حثمة.

ب - وتابعه على تعيينه، لكن خالفه في متنه فوهم: الوليد بن عبد الله بن أبي ثور الهمداني الكوفيّ [ضعيف. التهذيب (٤/ ٣١٨)، الميزان (٤/ ٣٤٠)]، عن عبد الملك بن عمير، عن عثمان بن سليمان، عن جدته أم أبيه، قالت: جاء رجل إلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنِّي أريد الجهاد في سبيل الله؟ فقال: "ألا أدلك على جهاد لا شوكة فيه" قلت: بلى. قال: "حج البيت".

أخرجه الطّبرانيّ (٢٤/ ٣١٤/ ٧٩٢)، ومن طريقه: المزي في التهذيب (١٩/ ٣٨٣).

ج- لكن رواه زكريا بن أبي زائدة [ثقة]، عن عبد الملك بن عمير، قال: حدثني فلان القرشي، عن جدته، أنَّها سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "أفضل الأعمال: إيمان بالله، وجهاد في سبيل الله، وحج مبرور".

أخرجه الطّبرانيّ (٢٤/ ٣١٥/ ٧٩٣)، بإسناد صحيح إلى زكريا.

قلت: هذا الاختلاف في إسناد هذا الحديث بالإبهام والتعيين: إنَّما هو من عبد الملك بن عمير نفسه؛ فإنَّه لما كبر ساء حفظه وتغير، ورواية القدماء عنه أصح [انظر: هدي الساري (٤٤٣)، التهذيب (٢/ ٦٢٠)، الميزان (٢/ ٦٦٠)] وأقدم من روى عنه هذا الحديث: ابن أبي زائدة، وهو أحفظهم أيضًا، ويليه: المسعودي، وقد اتفقا على إبهام الواسطة بين عبد الملك والشفاء، ولعل روايتهما أقرب إلى الصواب من رواية عبيدة بن حميد؛ فإنَّه آخرهم وفاة، بين وفاته ووفاة ابن أبي زائدة: قريب من أربعين عامًا.

والذين يروون عن الشفاء من ولد أبي حثمة؛ ثلاثة: ابنها سليمان بن أبي حثمة، وابناه: أبو بكر وعثمان، وليس فيهم من مجروح؛ سليمان: ولد على عهد النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وكان رجلًا على عهد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وأمره عمر أن يؤم النساء في رمضان، وجعله على سوق المدينة، وكان من صالحي أهل المدينة [التَّاريخ الكبير (٤/ ٦)، الجرح والتعديل (٤/ ١٣٠)، الثقات (٣/ ١٦١) و (٦/ ٣٨٥)، الطبقات الكبرى (٥/ ٢٦)، تاريخ دمشق (٢٢/ ٢١٣)، الاستيعاب (٢/ ٦٤٩)، الإصابة (٣/ ٢٤٢) وأبو بكر: ثقة [التقريب (٦٩٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>