للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعليه: فالمعروف: موقوف على ابن عباس، ومثل هذا لا يعتبر به.

• وقد علق البخاري قول ابن عباس هذا، بصيغة الجزم، في صحيحه [٨ - كتاب الصلاة، ٦٢ - باب بنيان المسجد، قبل الحديث رقم (٤٤٦) فقال: "وقال ابن عباس: لتزخرفُنَّها كما زخرفت اليهود والنصارى"، فلو كان المرسل صحيحًا على شرطه، لأخرجه في هذا الباب، لكونه صريحًا في الدلالة على المقصود، أو لاكتفى بذكره معلقًا، فلما لم يفعل علمنا كونه ضعيفًا عنده، والله أعلم.

قال ابن حجر في الفتح (١/ ٥٤٠): "وكلام ابن عباس فيه مفصول من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -، في الكتب المشهورة وغيرها، وإنما لم يذكر البخاري المرفوع منه؛ للاختلاف على يزيد بن الأصم في وصله وإرساله".

قلت: كم من حديثٍ أخرجه البخاري في صحيحه مختلفٌ في وصله وإرساله، لكن لما ترجح عند البخاري وصله؛ أودعه في الصحيح، ولكن يقال في مثل هذا: بأنه قد ترجح عنده الإرسال؛ فأعرض عن ذكره، والله أعلم.

• قال البغوي: "والمراد بالتشييد: رفع البناء وتطويله، ومنه قوله سبحانه وتعالى: {فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} [النساء: ٧٨]، وهي التي طُوِّل بناؤها، ... ، وقيل: البروج المشيدة: الحصون المجصصة، والشَّيْد: الجِص ....

ثم قال: وقول ابن عباس: لتزخرفُنَّها كما زخرفت اليهود والنصارى، معناه: أن اليهود والنصارى إنما زخرفوا المساجد عندما حرَّفوا وبدَّلوا أمر دينهم، وأنتم تصيرون إلى مثل حالهم، وسيصير أمرُكم إلى المراءاة بالمساجد، والمباهاة بتشييدها وتزيينها.

قال أبو الدرداء: إذا حلَّيتم مصاحفكم، وزوَّقتم مساجدكم، فالدَّمار عليكم".

وقال أبو عبيد: "كل شيء رفعته فقد أشدته، ... ، يقال: أشدت البنيان، فهو مشاد، وشيَّدته فهو مشيَّد؛ إذا رفعته وأطلته" [غريب الحديث (٣/ ١٢٩)] [وانظر: مقاييس اللغة (٣/ ٢٣٤)، تهذيب اللغة (١١/ ٢٧٠)، العين (٦/ ٢٧٧)، لسان العرب (٣/ ٢٤٤)، تاج العروس (٨/ ٢٦٢)، النهاية (٢/ ٥١٧)].

• ومما روي في هذا المعنى:

ما رواه: جبارة بن المغلس قال: ثنا عبد الكريم بن عبد الرحمن البجلي الخزاز، قال: ثنا أبو إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن عمر بن الخطاب: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما ساء عمل قوم قط إلا زخرفوا مساجدهم".

أخرجه ابن ماجه (٧٤١)، وأبو يعلى [عزاه إليه البوصيري، ولم أقف عليه في المطبوع من المسند]. وأبو نعيم في الحلية (٤/ ١٥٢)، والرافعي في التدوين (٣/ ٢٩ - ٣٠).

قال أبو نعيم: "غريب من حديث عمرو وأبي إسحاق، تفرد به عنه عبد الكريم".

وقال ابن كثير في تفسيره (٣/ ٢٩٣): "وفي إسناده ضعف".

وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (١/ ٩٤): "هذا إسناد فيه جبارة بن المغلس وقد

<<  <  ج: ص:  >  >>