وانظر: المجموع للنووي في مذاهب العلماء في السورة بعد الفاتحة (٣/ ٣٥٣).
الثالث: أن رواية العوام بن حمزة واقعة حال، وقعت جوابًا لسؤال، وفتوى لمستفتٍ، بخلاف رواية قتادة فإنها عامة، وفتوى أبي سعيد لا تخالف روايته بأن يقال: أجاب بالفرض، وهو فاتحة الكتاب، وأما "ما تيسر" الَّذي في روايته: قد عَلِم بأنه على الاستحباب فلم يفت السائل به عن الفرض.
الرابع: أن رواية قتادة عامة في الإمام والمأموم والمنفرد، وأما رواية العوام فهي خاصة بالمأموم.
الخامس: أن البخاري لما ذكر ترجمة طريف بن شهاب في الضعفاء (١٨٢)، بدأ بذكر حديثه عن أبي نضرة، ثم أتبعه بحديث همام عن قتادة، ثم قال: "وهذا أولى؛ لأنَّ أبا هريرة وغير واحد ذكروا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: "لا صلاة إلا بفاتحة"، وقال أبو هريرة: إن زدت فهو خير، وإن لم تفعل أجزأك"، فرجح رواية قتادة على رواية أبي سفيان السعدي طريف بن شهاب.
السادس: أن البخاري بعد أن ذكر حديث قتادة معلقًا في القراءة خلف الإمام برقم (١١١)، قال: "ولم يذكر قتادة سماعًا من أبي نضرة في هذا"، ثم قال بعد حديث العوام (١١٢): "هذا أوصل".
قلت: نعم، لم يذكر قتادة فيه سماعًا من أبي نضرة، لكن الحفاظ إذا لم يجدوا علةً ظاهرةً للحديث بحثوا له عن علة خفية، وتعليل أحاديث المدلسين المعنعنة، إذا لم تكن لها علة ظاهرة: هو من هذا الباب؛ إذ الأصل فيها القبول حتَّى يتبين لنا أنَّه مدلَّسة، وحديث قتادة هذا لم يظهر لنا بجمع طرقه أن قتادة دلسه، وفيما تقدم كان أن قتادة قد حفظه، وأن حديثه لا يُعَل برواية من أوقفه، لا سيما مع إمكان الجمع المتقدم، وعليه: فنحن لسنا بحاجة إلى إعلاله بعلة خفية طالما كان الحديث محفوظًا في معناه، والله أعلم، وسيأتي مزيد كان لهذه المسألة عند الحديث رقم (٨١٤) إن شاء الله تعالى.
هذا من وجه، ومن وجه آخر: فإن البخاري عمد إلى إعلال هذا الحديث بعدم ذكر السماع لكونه رآه دالًا على وجوب الزيادة، وليس كذلك، وإلا فإنه يحتج في صحيحه بمثل ذلك مما لم يثبت لقتادة فيه سماع، كما وقع في حديث قتادة عن أَنس مرفوعًا: "سووا صفوفكم" [البخاري (٧٢٣)]، وسيأتي الكلام عليه برقم (٦٦٨) إن شاء الله تعالى.
وسيأتي تفصيل مسألة القراءة خلف الإمام في موضعها من السنن إن شاء الله تعالى.
• والحاصل أن حديث طريف بن شهاب منكر، لتفرده بهذه الزيادات دون الحافظ الثقة الثَّبت قتادة بن دعامة، وتابعه عليه بدون الزيادات لكن موقوفًا: سعيد بن يزيد بن مسلمة البصري، والعوام بن حمزة البصري.
• وقد وجدت له إسنادًا آخر:
يرويه إسماعيل بن عياش، عن عبد العزيز بن عبيد الله، عن أبي نضرة، عن أبي