للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومنها: أن بلالًا كان في أول ما شُرع الأذان يؤذن وحده، ولا يؤذن للصبح حتَّى يطلع الفجر الصادق، وعليه يحمل حديث النجارية، ثم أردف بابن أم مكتوم فأصبح بلال يؤذن بليلٍ، ولا يؤذِّن ابن أم مكتوم حتَّى يقال له: أصبحت، أصبحت، وعليه تحمل الأحاديث الصحيحة في الباب والتى أشرنا إليها، وأما ما رُوي من أن ابن أم مكتوم كان يؤذن بليل، فهي: أحاديث مقلوبة، وأوهام

[وانظر: فتح الباري لابن رجب (٣/ ٥١٠)، الفتح لابن حجر (٢/ ١٠٣)، وغيرها].

وبناءً على هذا الجمع: يحكم لحديث النجارية بالحسن، وأما كون النجارية لا تعلم صحبتها إلا من جهتها؛ فليس صحيحًا، فإن الراوي عنها: تابعي جليل، أحد الفقهاء السبعة، ولا يخفى عليه حالها.

• لكن وجه النظر الصحبح في هذا الحديث أن يقال:

عروة بن الزبير: ولد في أوائل خلافة عثمان، أو أواخر خلافة عمر، وروايته عن بعض الصحابة مرسلة، وهو هنا لم يذكر سماعًا من هذه الصحابية، ولا أدرك الواقعة، ولا أدرك بلالًا وهو يؤذن في المدينة، لا سيما إذا قلنا بتصحيح الوجه الثاني، حيث إن الأذان شُرع بعد الهجرة بقليل، فيدل ذلك على تقدم صحبة هذه النجارية، واحتمال تقدم موتها قائم، مما يقلل من إمكانية سماع عروة منها، فيكون قد أرسل عنها، والله أعلم.

ولهذا يصعب الجزم باتصال هذا الخج، فتكون علته حينئذ الإرسال.

وقد قيل: إن هذه النجارية هي: النوَّار بنت مالك بن معاوية بن عدي بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار، أم زيد بن ثابت الصحابي الأنصاري النجاري:

فقد روى ابن سعد في الطبقات (٨/ ٤١٩)، قال: أخبرنا محمد بن عمر: حدثني معاذ بن محمد [الأنصاري المدني، من ولد أُبيِّ بن كعب: روى عنه جماعة، وذكره ابن حبان في الثقات، ونعته ابن المديني بالجهالة. التهذيب (٤/ ١٠٠)، الميزان (٤/ ١٣٢)، اللسان (٧/ ٥١١) و (٨/ ٩٦)، الإكمال لمغلطاي (١١/ ٢٥١)]، عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة [تابعي، ثقة]، قال: أخبرني من سمع النوَّار أم زيد بن ثابت، تقول: كان بيتي أطول بيت حول المسجد، فكان بلال يؤذن فوقه، من أول ما أذن إلى أن بنى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسجده، فكان يؤذن بعدُ على ظهر المسجد، وقد رُفع له شيء فوق ظهره.

وهذا إسناد واهٍ بمرة؛ لأجل محمد بن عمر الواقدي، وهو: متروك، والراوي عن النوار: مبهم، ومعاذ بن محمد: مجهول.

• ومما رُوي صريحًا في معناه:

١ - ما رواه خالد بن عمرو، قال: ثنا سفيان الثوري، عن الجريري، عن عبد الله بن شقيق، عن أبي برزة الأسلمي، قال: من السنة الأذان في المنارة، والإقامة في المسجد.

أخرجه أبو الشيخ في الأذان [نصب الراية (١/ ٢٩٢)، التلخيص (١/ ٢٠٦)، كنز العمال (٢٣١٨٣) ومن طريقه: البيهقي (١/ ٤٢٥)، وتمام في الفوائد (١٥٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>