• وله شاهد من حديث المغيرة بن شعبة:
قال البخاري في التاريخ الكبير (٣/ ٤٨٦): وقال محمد أبو يحيى: حدثنا شبابة، قال: حدثني المغيرة بن مسلم، عن سعيد بن طهمان القطعي، عن مغيرة بن شعبة، قلت: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اجعلني إمام قومي. قال: "قد فُعِل ذاك، فصلِّ بصلاة أضعف القوم، ولا تتخذ مؤذنًا يأخذ على أذانه أجرًا".
قلت: هكذا رواه شيخ البخاري: أبو يحيى محمد بن عبد الرحيم بن أبي زهير البزاز، المعروف بصاعقة، وهو: ثقة حافظ.
ورواه محمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي [قال النسائي: "لا بأس به"، وقال ابن يونس: "ثقة". التهذيب (٣/ ٦٠٩)]، قال: ثنا شبابة بن سوار: ثنا المغيرة بن مسلم، عن الوليد بن مسلم، عن سعيد القطيعي، عن المغيرة بن شعبة به.
أخرجه الطبراني في الكبير (٢٠/ ٤٣٤/ ١٠٥٧)، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل: حدثني محمد بن عبد الرحيم به.
قلت: زيادة: الوليد بن مسلم في الإسناد مدرجة، لا أدري ممن هي؟، فالذين ترجموا لسعيد بن طهمان القطعي لم يذكروا الوليد بن مسلم فيمن يروي عنه، بل قال أبو حاتم: "لا أعلم أحدًا يروي عنه غير: يحيى بن أبي كثير، والمغيرة بن مسلم، وأحسبه هو سعيد القطعي، الَّذي روى عنه يحيى بن أبي كثير، يروي عن أَنس؛ لا يذكر سماعًا، ولا رؤية، بصري الدار" [الجرح والتعديل (٤/ ٣٥)، الثقات (٤/ ٢٨٦)، وانظر أيضًا: التاريخ الكبير (٣/ ٥٠٨)].
ورواه الدارقطني في الأفراد (٤/ ٣٠٢ - ٣٠٣/ ٤٣١٤ - أطرافه)، ثم قال: "غريب من حديث المغيرة، تفرد به سعيد عنه، وتفرد به: المغيرة بن مسلم عن سعيد، ورواه شبابة عن المغيرة ... "، فدل ذلك على إدراج الوليد بن مسلم في الإسناد، وليس منه.
قال الهيثمي في المجمع (٢/ ٣): "رواه الطبراني في الكبير، من طريق سعد القطعي [كذا] عنه، ولم أجد من ذكره".
قلت: قال العجلي: "تابعي، ثقة" [معرفة الثقات (١٨٥)]، وذكره ابن حبان في الثقات، وترجم له البخاري، وابن أبي حاتم، كما ذكرت آنفًا [الثقات (٤/ ٢٨٦)، اللسان (٤/ ٦٠)]، وروى عنه اثنان، أحدهما: ثقة ثبت، ممن لا يحدث إلا عن ثقة، لكن كلام أبي حاتم يُشعِر أن روايته عن أَنس: مرسلة، فإن كان كذلك، فروايته عن المغيرة: مرسلة من باب أولى، إذ بين وفاة أَنس والمغيرة ما يزيد على أربعين سنة، ولم يذكر سماعًا.
والمغيرة بن مسلم القسملي: لا بأس به، وبقية رجاله: ثقات.
فهو حديث غريب، من حديث المغيرة بن شعبة الثقفي، فإن قصة عثمان بن أبي العاص الثقفي في قدوم وفد ثقيف، وقد بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أميرًا على قومه، وجعله إمامًا لهم، وأمره بالتخفيف: قصة صحيحة مشهورة، ويبعد تعددها، والله أعلم.