للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن القيم في إعلام الموقعين (٢/ ٣٦٥): "هذا الحديث قد رواه: ابن عمر، وعائشة، وابن مسعود، وسمرة بن جندب، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أن بلالًا يؤذن بليل"، وهذا الَّذي رواه صاحبا الصحيح، ولم يختلف عليهم في ذلك، وأما حديث أنيسة: فاختلف عليها في ثلاثة أوجه: ... [فذكرها ثم قال:] والصواب: رواية أبي داود الطيالسي وعمرو بن مرزوق؛ لموافقتها لحديث ابن عمر وعائشة، وأما رواية أبي الوليد وابن عمر فمما انقلب فيها لفظ الحديث، وقد عارضها رواية الشك ورواية الجزم بأن المؤذن بليل هو بلال، وهو: الصواب بلا شك؛ فإن ابن أم مكتوم كان ضرير البصر، ولم يكن له علم بالفجر، فكان إذا قيل له: طلع الفجر، أذن، وأما ما ادعاه بعض الناس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل الأذان نوبًا بين بلال وابن أم مكتوم، وكان كل منهما في نوبته يؤذن بليل، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الناس أن يأكلوا ويشربوا حتَّى يؤذن الآخر، فهذا: كلام باطل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يجئ في ذلك أثر قط لا بإسناد صحيح ولا ضعيف ولا مرسل ولا متصل، ولكن هذه طريقة من يجعل غلط الرواة شريعةً، ويحملها على السنة، وخبر ابن مسعود وابن عمر وعائشة وسمرة الَّذي لم يختلف عليهم فيه: أولى بالصحة، والله أعلم" وانظر: زاد المعاد (١/ ٢٢٦)، تحفة الأشراف (١١/ ٢٧٠)، تهذيب الكمال (٣٥/ ١٣٤)، النكت على ابن الصلاح لبدر الدين الزركشي (٢/ ٣٠٦)، البدر المنير (٣/ ٢٠٢)، النكت على ابن الصلاح لابن حجر (٢/ ٨٧٨)، التلخيص (١/ ١٧٨)، فتح المغيث (١/ ٢٨٠)، تدريب الراوي (١/ ٢٩٢).

٢ - أنس:

يرويه محمد بن بشر، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن أَنس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يمنعنكم أذان بلال من سحوركم؛ فإن في بصره شيئًا" وفي رواية: "سوءًا".

أخرجه أحمد (٣/ ١٤٠)، وابن أبي شيبة (٢/ ٢٧٥/ ٨٩٢٦)، وأبو يعلى (٥/ ٢٩٧/ ٢٩١٧)، والطحاوي (١/ ١٣٩)، وأبو الفضل الزهري في حديثه (٥٨٣)، وابن أخي ميمي الدقاق في فوائده (١٦١ و ١٨٤)، والضياء في المختارة (٧/ ٣٨ - ٤٠/ ٢٤٢٨ - ٢٤٣١).

قال الطحاوي (١/ ١٤٠): "فدل ذلك على أن بلالًا كان يريد الفجر فيخطئه؛ لضعف بصره، فأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا يعملوا على أذانه؛ إذ كان من عادته الخطأ لضعف بصره".

قال في طرح التثريب (٢/ ١٨٢): جوَّز الطحاوي أن يكون بلال كان يؤذن في وقت يرى أن الفجر قد طلع فيه، ولا يتحقق ذلك لضعف بصره، ثم استدل بما رواه عن أَنس مرفوعًا: "لا يغرنكم أذان بلال فإن في بصره شيئًا" قال الطحاوي: فدل على أن بلالًا بيان يريد الفجر فيخطئه لضعف بصره. قلت: وهذا ضعيف؛ لأنَّ قوله عليه الصلاة والسلام: "إن بلالًا يؤذن بليل" يقتضي أن هذه بيانت طريقته وعادته دائمًا، ولو كان لا يقع ذلك منه إلا لخطأ لم يقع إلا نادرًا، فإنه لولا أن الغالب إصابته لما رتب مؤذنًا واعتمد عليه في

<<  <  ج: ص:  >  >>