الأوقات، وفي صحيح البخاري من حديث ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يمنعن أحدَكم أو أحدًا منكم أذانُ بلالٍ من سحوره؛ فإنه يؤذن أو ينادي بليل؛ ليَرجع قائمَكم ولينبه نائمَكم" الحديث، وهذا صريح في أنَّه كان يؤذن قبل الفجر، يقصد ذلك ويتعمده، والله أعلم".
قال ابن الملقن في البدر المنير (٣/ ١٩٩): "رواه الطحاوي بسند جيد".
قلت: محمد بن بشر العبدي الكوني: ثقة حافظ، وقال أحمد بأن سماعه من ابن أبي عروبة: جيد [شرح علل الترمذي (٢/ ٧٤٣)]، لكن في ثبوت هذه اللفظة: "فإن في بصره شيئًا" نظر.
وقد رواه عن محمد بن بشر به هكذا: أحمد بن حنبل [الإمام الفقيه، الثقة المتقن]، وأبو بكر بن أبي شيبة [ثقة حافظ مصنف]، وشهاب بن عباد العبدي الكوفي [ثقة]، ومحمد بن علي بن محرز البغدادي، نزيل مصر [ثقة. الجرح والتعديل (٨/ ٢٧)، الثقات (٩/ ١٢٧ و ١٣٥)، تاريخ بغداد (٣/ ٥٧)].
وخالفهم: عبدة بن عبد الله [الصفار: أبو سهل البصري، كوفي الأصل: ثقة]، وسعيد بن بحر [القراطيسي: حدث عنه جماعة من الحفاظ، وقال الخطيب: "كان ثقة"، وقال الذهبي: "ثقة مسند". تاريخ بغداد (٩/ ٩٣)، تاريخ الإسلام (١٩/ ١٥٣)]، قالا: نا محمد بن بشر: نا سعيد، عن قتادة، عن أَنس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن بلالًا يؤذن بليل؛ فكلوا واشربوا حتَّى يؤذن ابن أم مكتوم".
أخرجه البزار (١٣/ ٤٠٢/ ٧١٠٧).
وقال: "وهذا الحديث لا نعلمه يُروى من حديث أَنس إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد، ولا نعلم حدث به عن سعيد إلا محمد بن بشر".
قلت: هذه الجملة المنكرة؛ إذا انضاف إليها تفرد محمد بن بشر بها عن ابن أبي عروبة، ثم الاختلاف عليه في متنه، فمنهم من رواه عنه مثل حديث ابن عمر وعائشة، ومنهم من رواه عنه بهذا اللفظ، مما يجعل النفس لا تطمئن إلى ثبوت حديثه هذا، لا سيما ومحمد بن بشر: ليس من أثبت أصحاب ابن أبي عروبة، وهو متأخر عن أصحابه المتثبتين فيه في الطبقة والوفاة، ولم يكن من أهل البصرة، فلعله حمل عنه هذا الحديث في بداية اختلاطه، والله أعلم، ومسلم وإن أخرج له من روايته عن ابن أبي عروبة [(٤٨٧ و ٧٤٦ و ١١١٦ و ١٤٥١ و ١٥٠٣ و ٢٠٧٦ و ٢٦٧١ و ٢٧٣٠)] لكن فيما توبع عليه.
• ورُويت هذه اللفظة: "في بصره سوءًا" من حديث شيبان، قال: دخلت المسجد، فناديت فتنحيت، فقال في رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أبا يحيى؟ " قال: نعم، قال: "ادنه، هلم إلى الغداء" قلت: إني أريد الصوم، قال: "وأنا أريد الصوم، ولكن مؤذننا في بصره سوء - أو: شيء - أذن قبل أن يطلع الفجر".
هكذا لم يصرح باسم المؤذن، وصرح بعضهم بأنه بلالٌ تعسفًا، إذ على فرض صحته يمكن حمله على ابن أم مكتوم الضرير، فهو أحرى بهذا الوصف، ولهذا قال البيهقي: