الثاني: يرويه يونس، عن أبي إسحاق، عن الأسود بن يزيد، قال: قلت لعائشة: أي ساعة توترين؟ قالت: ما أوتر حتَّى يؤذنون، وما يؤذنون حتَّى يطلع الفجر.
قالت: وكان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مؤذنان، بلال وعمرو بن أم مكتوم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أذن عمرو فكلوا واشربوا؛ فإنه رجل ضرير البصر، وإذا أذن بلال فارفعوا أيديكم؛ فإن بلالًا لا يؤذن حتَّى يصبح".
أخرجه أحمد (٦/ ١٨٥)، وابن خزيمة (١/ ٢١١ / ٤٠٧).
تابع يونس على جملة الأذان: ابنه إسرائيل، فرواه عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عائشة - رضي الله عنها -، قالت: كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة مؤذنين: بلال، وأبو محذورة، وعمرو بن أم مكتوم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أذن عمرو فإنه ضرير البصر فلا يغرنكم، وإذا أذن بلال فلا يطعمن أحد".
أخرجه ابن خزيمة (١/ ٢١٢/ ٤٠٨)، وإسحاق بن راهويه (٣/ ٨٥٩/ ١٥٢٣).
قال ابن خزيمة: "أما خبر أبي إسحاق عن الأسود عن عائشة: فإن فيه نظر؛ لأني لا أقف على سماع أبي إسحاق هذا الخبر من الأسود".
قلت: هذا وجه من الإعلال، ووجه آخر: لم يروه بهذا السياق غير: يونس بن أبي إسحاق [صدوق، في حديثه عن أبيه اضطراب]، وابنه إسرائيل [وهو ثقة، من أثبت الناس في جده أبي إسحاق]، وروى هذا الحديث عن أبي إسحاق جماعة من أصحابه الثقات فلم يذكروه بهذا السياق:
فرواه منصور بن المعتمر [ثقة ثبت]، وزهير بن معاوية [ثقة ثبت، إلا أن سماعه من أبي إسحاق بأخرة]:
كلاهما: عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عائشة، قالت: ما كانوا يؤذنون حتَّى ينفجر الفجر.
أخرجه أبو نعيم في كتاب الصلاة (٢١٩)، وابن أبي شيبة (١/ ٢٢٢٣/١٩٤).
وهذه الجملة ليست من كلام عائشة، وإنما هي مدرجة في الحديث، من قول الأسود بن يزيد، فصله سفيان وشعبة، ورواية شعبة أبين:
رواه سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن الأسود بن يزيد، قال: سألت عائشة: متى توترين؟ قالت: بين الأذان والإقامة. قال: وما يؤذنون حتَّى يصبحوا.
أخرجه عبد الرزاق (٣/ ١٧/ ٤٦٢٨)، وابن حزم في المحلى (٣/ ١١٩)، والبيهقي (٢/ ٤٨٠).
ورواه شعبة، عن أبي إسحاق، عن الأسود، قال: قلت: يا أم المؤمنين متى توترين؟ قالت: إذا أذن المؤذن. قال الأسود: وإنما كانوا يؤذنون بعد الصبح.
أخرجه الطحاوي (١/ ١٤٠).
قال البيهقي بعد رواية الثوري: "قوله: "وما يؤذنون حتَّى يصبحوا": أظنه من قول