وهذا يبين أن الصحابة لم يقع بينهم اختلاف في الأفعال، وأن المأموم إذا دخل مسبوقًا مع الإمام فإنما يبتدئ الصلاة لنفسه، وأن الركعة التي أدركها مع الإمام وإن كانت الثالثة مثلًا فهي الأولى بالنسبة للمأموم، وإنما اختلفوا في قضاء القراءة بالحمد وسورة، وما روي بخلاف ذلك فلا يصح، والله أعلم.
وقال صالح بن أحمد في مسائله لأبيه (٦٦٦): "سألته عن رجل أدرك مع الإمام ركعة؟
قال: يقوم فيقرأ فاتحة الكتاب وسورة، ثم يجلس فيتشهد، ثم يقوم فيقرأ بفاتحة الكتاب وسورة، ولا يقعد، ثم يقوم فيقرأ فاتحة الكتاب وحدها، ويقعد فيتشهد ويسلم، ويروى عن أبي هريرة وأنس بن مالك: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "صل ما أدركت، واقض ما سبقك".
قلت: فكأنه يتشهد ثلاث مرات؟ قال: الأولى إنما يتبع الإمام، ويروى عن علي: يقرأ فيما أدرك، وقال ابن عمر: يقرأ فيما يقضي، وقال ابن مسعود: ما أدركت مع الإمام فهو آخر صلاتك" [وانظر أيضًا: (٢٩٠ و ٣٨٣ و ١١٠٧ و ١١٦٩)] [وانظر: مسائل عبد الله لأبيه (٣٨٣)، مسائل أبي داود (٢٦٥)، مسائل ابن هانئ (٢٦٧)].
وقول الإمام أحمد في رواية الأثرم وابنه صالح: يفسره ما جاء في رواية ابنه عبد الله في مسائله (٣٨٤)، وأنه إنما أراد البناء في الأفعال والأقوال، ما عدا القراءة فيرى فيها القضاء، قال عبد الله:"سألت أبي عن رجل أدرك مع الإمام آخر ركعة من الظهر، فقام يقضي، قلت: أيش يقرأ؟
قال: في الركعتين الأوليين ما يقضي الحمد وسورة، ويجعل ما أدرك مع الإمام أول صلاته، فيقعد في الركعة التي يقضي من أولها، ثم يقوم، ويقعد في آخر صلاته، ويقرأ في آخر ركعة بفاتحة الكتاب وحدها، وإن أدرك ركعتين من الظهر فقام فقرأ فيما يقضي الحمد لله وسورة.
قال أبي: يُروى عن ابن عمر، وابن مسعود، قالا: يقرأ فيما يقضي، ويروى عن علي: ما أدرك مع الإمام فهو أول صلاته، وقال ابن مسعود: ما أدرك مع الإمام فهو آخر صلاته".
ولذا فقد صرح في رواية ابنه عبد الله بأن ما أدرك مع الإمام يجعله أول صلاته، يعني في كل شيء ما عدا القراءة، فكلامه فيها صريح كما تقدم نقله، قال عبد الله:"سمعت أبي يقول في الرجل تفوته بعض الصلاة مع الإمام: يجعل ما أدرك أول صلاته" [مسائله (٣٨٢)].
وفي ترجمة أحمد بن محمد بن خالد بن يزيد بن غزوان أبي العباس البرائي، نقل عنه ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة (١/ ٦٤)، أنه قال: "سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل، فقلت له: إذا فاتني أول صلاة الإمام فأدركت معه من آخر صلاته، فما أعتد أنه