قلت: هي ثابتة من حديث الثوري وأبي عوانة، وتقدم لفظ أبي عوانة، ولفظ الثوري المختصر: صليت خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[صلاة الصبح]، فكان إذا انصرف انحرف، وفي رواية: فلما صلى انحرف.
ورواه الثوري أيضًا مطولًا، واختلف عليه في لفظه:
فرواه عنه به مطولًا ومختصرًا: عبد الرحمن بن مهدي، ويحيى بن سعيد القطان، ووكيع بن الجراح، والأشجعي عبيد الله بن عبيد الرحمن [وهم ثقات حفاظ، من أثبت أصحاب الثوري]، وعبد الرزاق بن همام الصنعاني [ثقة، من أصحاب الثوري]، وأبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي [صدوق، كان يصحف]، والحسين بن حفص الأصبهاني [صدوق]، وعبد الرحمن بن محمد بن زياد المحاربي [ثقة]:
ولفظه المطول: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الفجر بمنى، فانحرف، فرأى رجلين وراء الناس، فدعا بهما، فجيء بهما ترعد فرائصهما، فقال:"ما منعكما أن تصلِّيا مع الناس؟ " فقالا: قد كنا صلينا في الرحال، قال:"فلا تفعلا؟ إذا صلى أحدكم في رحله، ثم أدرك الصلاة مع الإمام، فليصلها معه، فإنها له نافلة". [أحمد (٤/ ١٦١)].
• خالفهم فوهم في لفظه:
أبو عاصم النبيل [الضحاك بن مخلد: ثقة ثبت، ومن تقدم ذكرهم أثبت منه في الثوري]، فرواه عن سفيان، عن يعلى بن عطاء، عن جابر بن يزيد، عن أبيه، قال: صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما انصرف رأى رجلين في مؤخر القوم، قال: فدعا بهما، فجاءا ترعد فرائصهما، فقال:"ما لكما لم تصليا معنا؟ " فقالا: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلينا في الرحال، قال:"فلا تفعلا، إذا صلى أحدكم في رحله ثم جاء إلى الإمام فليصل معه، وليجعل التي صلى في بيته نافلة".
أخرجه الدارقطني (١/ ٤١٤)، ومن طريقه: البيهقي (٢/ ٣٠١).
قال الدارقطني:"خالفه أصحاب الثوري، ومعه أصحاب يعلى بن عطاء، منهم: شعبة، وهشام بن حسان، وشريك، وغيلان بن جامع، وأبو خالد الدالاني، ومبارك بن فضالة، وأبو عوانة، وهشيم، وغيرهم، رووه عن يعلى بن عطاء مثل قول وكيع وابن مهدي".
وقال ابن الملقن في البدر المنير (٤/ ٤١٤): "قال الدارقطني والبيهقي بعد أن أخرجاها: هذه الرواية: شاذة ضعيفة مردودة؛ لمخالفتها الثقات والحفاظ، ونص على ذلك غيرهما أيضًا" [وانظر: خلاصة الأحكام للنووي (٢/ ٦٦٧/ ٢٣١٠)].
• خالف هؤلاء جميعًا فوهم، وسلك فيه الجادة والطريق السهل:
حجاج بن أرطاة [ليس بالقوي، يدلس عن الضعفاء والمتروكين]، فرواه عن يعلى بن عطاء، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، قال: صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة الفجر في مسجد الخيف، فبصر برجلين متنحيين، فدعا بهما، فجيء بهما ترعد فرائصهما، قال: "ما منعكما