للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٣١ - ، ولفظه: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا أبا ذر! كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يميتون الصلاة؟ "، أو قال: "يؤخرون الصلاة؟ " قلت: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما تأمرني؟ قال: "صل الصلاة لوقتها، فإن أدركتها معهم فصلِّها، فإنها لك نافلة"، وهو حديث صحيح، أخرجه مسلم (٦٤٨/ ٢٣٨ - ٢٤٠)، وغيره، وجاء نحوه أيضًا عن ابن مسعود، وعبادة بن الصامت، وغيرهما [تقدمت برقم (٤٣٢ - ٤٣٤)، وهي أحاديث صحيحة].

ولأن الأولى قد أوقعها فرضًا؛ فبرئت بها الذمة، وسقطت عنه المطالبة، وصادفت الثانية محلًا خاليًا عن المطالبة بالفرض، وذمةً بريئةً من الواجب، فامتنع إيقاعها إلا نفلًا.

وممن قال بذلك: علي بن أبي طالب [ولا يصح عنه]، وحذيفة، وابن عمر، وإبراهيم النخعي، والشعبي، والحسن البصري.

وقال سعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح: صلاته [يعني: الفريضة] التي صلى في الجماعة.

[انظر: التاريخ الكبير (٦/ ٢٣٤)، مصنف عبد الرزاق (٢/ ٤٢١ - ٤٢٣/ ٣٩٣٥ و ٣٩٣٦ و ٣٩٤٢ و ٣٩٤٣)، مصنف ابن أبي شيبة (٢/ ٧٥ و ٧٦/ ٦٦٤٣ - ٦٦٥٣ و ٦٦٥٧)، الأوسط لابن المنذر (٢/ ٤٠١ و ٤٠٦)، شرح معاني الآثار (١/ ٣١٦)، سنن البيهقي الكبرى (٢/ ٣٠٢)].

وفي المسألة قول ثالث: فقد روى مالك، عن نافع: أن رجلًا سأل عبد الله بن عمر، فقال: إني أصلي في بيتي، ثم أدرك الصلاة مع الإمام، أفأصلي معه؟ فقال له عبد الله بن عمر: نعم، [فصلِّ معه]، فقال الرجل: أيتهما أجعل صلاتي؟ فقال له عبد الله بن عمر: أوَ ذلك إليكَ! إنما ذلك إلى الله تعالى، يجعل أيتهما شاء.

أخرجه مالك في الموطأ (١/ ١٩٤/ ٣٥٠)، ومن طريقه: ابن المنذر (٢/ ٤٠٧/ ١١٢١)، والبيهقي في السنن (٢/ ٣٠٢)، وفي المعرفة (٢/ ١٣٤/ ١٠٧١).

قال البيهقي: "والقول الأول: أصح؛ لحديث أبي ذر، ويزيد بن الأسود، ويُذكر عن عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع أنه قال: سألت ابن عمر عن إعادة الصلاة؟ فقال: المكتوبة الأولى، فكأنه بلغه في ذلك ما لم يبلغه حين لم يقطع فيها بشيء، والله تعالى أعلم".

وقال ابن عبد البر في التمهيد (٤/ ٢٥٧): "وهذه الأحاديث تدل على أن الأولى فرضه، والثانية تطوع له"، ثم أسند حديث يزيد بن الأسود، ثم قال: "وهذا نص في موضع الخلاف يقطعه، وبالله التوفيق".

وقال ابن قدامة في المغني (١/ ٤٢٨): "ولنا: قوله في الحديث الصحيح: "تكن لكما نافلة وقوله في حديث أبي ذر: "فإنها لك نافلة"، ولأن الأولى قد وقعت فريضة، وأسقطت الفرض؛ بدليل أنها لا تجب ثانيًا، وإذا برئت الذمة بالأولى استحال كون الثانية فريضة وجعل الأولى نافلة. قال حماد: قال إبراهيم: إذا نوى الرجل صلاة وكتبتها الملائكة؛ فمن يستطيع أن يحولها، فما صلي بعدها فهو تطوع".

<<  <  ج: ص:  >  >>