أخرجه ابن جرير الطبري في مسند ابن عباس من تهذيب الآثار (٢/ ٦٩٧/ ١٠٣٧)، بإسناد صحيح إلى غندر، هكذا مرسلًا.
قال البزار: "لا نعلم أسنده عن شعبة، إلا محمد بن بكر، وأرسله غيره".
وقال الدارقطني في العلل (١٥/ ٢٦١/ ٤٠١٠): "واختلف عن شعبة:
فرواه محمد بن بكر، عن شعبة، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس.
وغيره يرويه: عن شعبة، عن سماك، عن عكرمة مرسلًا، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقال ابن عبد البر: "إلا أن جل أصحاب شعبة يروونه عنه عن سماك عن عكرمة مرسلًا، ووصله عنه محمد بن بكر".
قلت: وعليه فالمحفوظ عن شعبة: مرسل.
[وانظر: الأوهام فيه على شعبة من الضعفاء والمتروكين: جزء الألف دينار (٢٦٦)].
واعتمد ابن حجر رواية الوصل، فقال في الفتح (١/ ٣٦٠): "وقد أعله قوم بسماك بن حرب راويه عن عكرمة؛ لأنه كان يقبل التلقين، لكن قد رواه عنه شعبة وهو لا يحمل عن مشايخه إلا صحيح حديثهم".
قلت: قد رواه موصولًا: سفيان الثوري، وأبو الأحوص، وإسرائيل بن أبي إسحاق، وعنبسة بن سعيد بن الضريس، وشريك بن عبد الله النخعي.
والثوري أحفظ القوم، والقول: قوله ومن تابعه.
وقول ابن حجر هذا يرد على من ضعَّف الحديث بسماك، مثل الحازمي حيث قال: "لا يعرف مجوَّدًا إلا من حديث سماك بن حرب عن عكرمة، وسماك مختلف فيه، وقد احتج به مسلم" [التلخيص (١/ ١٦)].
وقال ابن حزم في المحلى (١/ ٢١٤) بعد أن قال بأن هذا الحديث لا يصح، وأعله بقوله: "رواية سماك بن حرب وهو يقبل التلقين، شهد عليه بذلك شعبة وغيره، وهذه جرحة ظاهرة".
قال ابن عبد البر: "وقد وصله جماعة عن سماك، منهم: الثوري، وحسبك بالثوري حفظًا وإتقانًا ... ، ثم رواه من طريقه ثم قال: وهكذا رواه أبو الأحوص وشريك، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعًا، وكل من أرسل هذا الحديث فالثوري أحفظ منه، والقول فيه: قول الثوري، ومن تابعه على إسنادها.
إذا تبين هذا، وهو أن الحديث محفوظ عن: سماك عن عكرمة عن ابن عباس: متصلًا مرفوعًا.
فلا حجة لأحد في إعلاله بتلقين سماك.
ذلك أنه قد رواه عن سماك من لم يكن يروج عليه ما يلقنه سماك، وهم ممن حملوا عن سماك صحيح حديثه دون ما أخطأ فيه، وهم: شعبة والثوري، لكنهما اختلفا، فأرسله شعبة، ووصله الثوري، وهو أحفظ الرجلين، فالقول قوله، وقد تابعه على ذلك جماعة من الثقات [وانظر: علل الحديث لابن أبي حاتم (٢/ ١٠٦ و ٤٤٤)].