وأكثر ما نُقِم على سماك هو التلقين؛ لذا فقد ضُعِّف بسببه، وقد أمناه هنا؛ لأن شعبة وسفيان كانا يحملان عنه صحيح حديثه فهما من قدماء من روى عنه.
قال يعقوب بن شيبة السدوسي: "ومن سمع منه قديمًا مثل شعبة وسفيان: فحديثهم عنه صحيح مستقيم".
وقال عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (١/ ١٦٠): "وحديث شعبة عن سماك: صحيح؛ لأن سماكًا كان يقبل التلقين، وكان شعبة لا يقبل منه حديثًا" يعني: مما تلقنه، ولا يأخذ عنه إلا صحيح حديثه، وهذا على اعتبار رواية الوصل.
ومما نُقم على سماك أيضًا: اضطرابه في حديث عكرمة، ذلك لأنه كان يقول فيه: عن ابن عباس، وقد أمنا خطأه هنا لما قد علمت، أعني لمجيئه من طريق سفيان عنه، فإنه كان يميز ذلك منه.
قال ابن المديني: "روايته عن عكرمة مضطربة، فسفيان وشعبة يجعلونها عن عكرمة، وأبو الأحوص وإسرائيل يجعلونها عن عكرمة عن ابن عباس" [تاريخ دمشق (٤١/ ٩٧)، شرح علل الترمذي (٢/ ٧٩٧)، التهذيب (٣/ ٥١٧)، الميزان (٢/ ٢٣٢)].
وأما قول الذهبي في السير (٥/ ٢٤٨) في سلسلة إسناد: سماك عن عكرمة عن ابن عباس: "لا ينبغي أن تُعدَّ صحيحةَ لأن سماكًا إنما تُكُلِّم فيه من أجلها".
فإن هذا ليس على إطلاقه؛ فإن قامت قرائن تدل على صحتها فهي صحيحة كحالتنا هذه، لا سيما وقصة اغتسال النبي - صلى الله عليه وسلم - بفضل ميمونة مخرجة في صحيح مسلم (٣٢٣) من حديث ابن عباس، وإنما زاد فيه سماك هذه الزيادة: "إن الماء لا يجنب"، أو "لا ينجسه شيء"، وهي زيادة من ثقة فوجب قبولها.
إذا ظهر هذا فقد بطلت حجة من أعل الحديث بتلقين سماك، مثل: ابن حزم وابن القطان الفاسي [انظر: بيان الوهم (٢/ ٤٢٨/ ٤٣٧) و (٤/ ٥٢/ ١٤٨٩)، الأحكام الوسطى (١/ ١٥٩)].
وظهرت حجة من صحح الحديث، مثل: الترمذي والحاكم والبيهقي وغيرهم، وقبل سياق كلام من صحح الحديث نسوق كلام ابن أبي حاتم في العلل (١/ ٤٣/ ٩٥) حيث قال: "سألت أبا زرعة عن حديث رواه سفيان، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - اغتسلت من جنابة فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت له، فتوضأ بفضلها، وقال: "الماء لا ينجسه شيء".
ورواه شريك، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن ميمونة.
فقال: الصحيح: عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، بلا ميمونة".
فلو كان للحديث علة لذكرها وبيَّنها.
وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح، وهو قول سفيان الثوري ومالك والشافعي".