وذكره ابن عبد الهادي في التنقيح (٢/ ٤٦٩/ ١١٤٥)، وقال:"رُوي بإسناد مظلم"، وقال أيضًا:"قال شيخنا أبو الحجاج: في إسناده غير واحد من المجهولين".
قلت: الوجه الثالث: منكر جدًّا، والوجهان الأول والثاني يدلان على اضطراب يحيى بن يعلى الأسلمي في إسناد هذا الحديث؛ فإنه ضعيف، مضطرب الحديث، فكان مرة يذكر الواسطة، ومرة يحذفها، وعبد الله بن موسى هذا هو: عمر بن موسى بن وجيه الوجيهي الحمصي، وهو: متروك، منكر الحديث، بل قال أبو حاتم وابن عدي:"يضع الحديث"، وقال ابن معين:"كذاب، ليس بشيء" [اللسان (٥/ ٢٤) و (٦/ ١٤٩)]، وأخاف أن تكون نسبة القاسم ساميًا من كيس أحدهما، ولعله القاسم أبو عبد الرحمن الشامي صاحب أبي أمامة، وهو الأقرب، فيكون الحديث أيضًا مرسلًا.
قال ابن عبد البر في الاستيعاب (٣/ ١٣٨٤): "هكذا في هذا الحديث بهذا الإسناد: عن القاسم أبي عبد الرحمن، قال: حدثني مرثد بن أبي مرثد، وهو عندي وهم وغلط؛ لأنه قد قتل في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - ومغازيه، لم يدركه القاسم المذكور، ولا رآه، فلا يجوز أن يقال فيه: حدثني؛ لأنه منقطع، أرسله القاسم أبو عبد الرحمن عن مرثد بن أبي مرثد هذا، إلا أن يكون رجل آخر وافق اسمه اسم أبيه وشهد أيضًا بدرًا".
فتعقبه ابن حجر في الإصابة (٦/ ٧٠)، فقال:"الوهم ممن قال عن القاسم: حدثني مرثد، وإنما الصواب أنه قال: عن مرثد، كذا عند جمهور من أخرج الحديث المذكور بالعنعنة، والله تعالى أعلم".
والحاصل: أن هذا الحديث باطل.
• ورواه الحسين بن نصر المؤدب: ثنا سلام بن سليمان: ثنا عمر بن عبد الرحمن بن يزيد، عن محمد بن واسع، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اجعلوا أئمتكم خياركم؛ فإنهم وفدكم فيما بينكم وبين الله عزَّ وجلَّ".
أخرجه الدارقطني (٢/ ٨٧)، والبيهقي (٣/ ٩٠)، وابن الجوزي في التحقيق (٧٢٠).
قال البيهقي:"إسناد هذا الحديث ضعيف".
وقال عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (١/ ٣٢٢): "قال الدارقطني: عمر هذا هو عندي: عمر بن يزيد قاضي المدائن. ولم يقل فيه أكثر من هذا، ولم أجد عمر بن يزيد هذا، ولا وجدت فيما رأيت أكثر من عمر بن يزيد المدائني: يروي عن عطاء وغيره، ذكره ابن عدي، وقال فيه: منكر الحديث، وذكر له أحاديث، ولم يذكر هذا فيها [انظر: الكامل (٥/ ٢٩)، اللسان (٦/ ١٦١)]، ولعل عمر بن يزيد المدائني غير قاضي المدائن، والله أعلم، وسلام بن سليمان أيضًا مدائني: ليس بقوي".
قلت: سلام الطويل: متروك، وتعقبه ابن القطان الفاسي في بيان الوهم (٣/ ١٤٩/ ٨٥٧)، فقال:"وردَّه بعمر بن يزيد قاضي المدائن، وسلام بن سليمان، وأعرض من إسناده عن الحسين بن نصر المؤدب، راويه عن سلام بن سليمان المذكور وهو لا يعرف".