الثقات، فلما فحش ذلك منه بطل الاحتجاج به"، والذي يظهر لي من تصرف ابن حبان أنه إما أن يكون قد فرَّق بين الوليد بن عبد الله بن جميع، وبين الوليد بن جميع، فوثَّق الأول، وجرح الثاني، أو هما عنده رجل واحد، لكنه فرَّق بين ما رواه عن أبي الطفيل، ورآه قد تابع فيه الثقات، فوثقه لأجل ذلك، وبين ما رواه عن عبد الرحمن بن خلاد والكوفيين، ورآه ينفرد فيه بما لا يتابع عليه، فجرحه لأجل ذلك، والله أعلم، وقال العقيلي: "في حديثه اضطراب"، وتكلم فيه آخرون لأجل ما وقع منه من أوهام، فهو صدوق يهم، والله أعلم [التهذيب (٤/ ٣١٨)، مسند البزار (١/ ١٢٤ و ٢٠١/ ٥٤) و (٧/ ٢٢٨/ ٢٨٠٠)، الثقات (٥/ ٤٩٢)، المجروحين (٣/ ٧٩)] [وانظر مثلًا في أوهامه: علل ابن أبي حاتم (٢١٣٧ و ٢١٦٢)].
ورواية: "عن أمه" شاذة، والمحفوظ: "حدثتني جدتي".
٣ - محمد بن يعلى [السلمي الملقب زنبور: جهمي، متروك، ذاهب الحديث. التهذيب (٣/ ٧٣٨)، الميزان (٤/ ٧٠)]، عن الوليد بن جميع، عن جدته ليلى بنت مالك، وعن عبد الرحمن بن خلاد، كلاهما عن أم ورقة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسميها الشهيدة، فلما كان في خلافة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قتلها غلامها وجاريتها، فأتي بهما عمر بن الخطاب فقتلهما وصلبهما.
أخرجه الدارقطني (٣/ ١١٤).
• خالفهم:
عبد الله بن داود الخريبي [ثقة]، فرواه عن الوليد بن جميع، عن ليلى بنت مالك، عن أبيها، وعن عبد الرحمن بن خلاد، عن أم ورقة: أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: "انطلقوا بنا نزور الشهيدة"، وأذِن لها أن يؤذَّن لها، وأن تؤم أهل دارها في الفريضة، وكانت قد جمعت القرآن.
أخرجه ابن خزيمة (٣/ ٨٩/ ١٦٧٦)، والحاكم (١/ ٢٠٣) [لكن لم يقل: "عن أبيها"، وهي زيادة ثابتة عن الخريبي] [وانظر: علل الدارقطني (١٥/ ٤١٧/ ٤١٠٨)، الإتحاف (١٨/ ٣٢٤/ ٢٣٦٨٧)]، وأبو القاسم الحامض في الثالث من فوائده (٣٥)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (٦/ ٣٣٧٥/ ٧٧١٦) [لكن قال: "عن أمها" بدل: "عن أبيها"، وهي رواية باطلة، تفرد بها محمد بن يونس الكديمي، وهو: كذاب، يضع الحديث]. والبيهقي (١/ ٤٠٦) و (٣/ ١٣٠) [عن الحاكم به، ولم يقل أيضًا: "عن أبيها"].
قال الحاكم: "قد احتج مسلم بالوليد بن جميع، وهذه سنة غريبة؛ لا أعرف في الباب حديثًا مسندًا غير هذا، وقد روينا عن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -: أنها كانت تؤذن وتقيم، وتؤم النساء".
قلت: نعم، احتج مسلم بالوليد بن عبد الله بن جميع [صحيح مسلم (١٧٨٧)]، وله عنده أيضًا متابعة [(٢٧٧٩)]، لكن الشأن فيمن رواه عنه الوليد، وسيأتي بيان ذلك.