وقال الحاكم في المعرفة (١٢٦) بعد حديث عائشة من طريق زائدة عن موسى بن أبي عائشة: "وهو آخر الأمرين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".
وقال ابن بطال في شرح البخاري (٢/ ٣١٤) في بيان حجة الإمام أحمد، والرد على مالك والشافعي:"وقد فعل ذلك أربعة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -: جابر بن عبد الله، وأبو هريرة، وأسيد بن حضير، وقيس بن قهد، فدل ذلك من فعلهم أنه ليس بخاص بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا منسوخ بفعله؛ إذ لو كان هذا، لعابه سائر الصحابة على هؤلاء الأربعة الذين فعلوه، وقد روى عبد الرزاق عن أنس بن مالك أنه فعل مثله، وأيضًا فإن صلاته عليه السلام في مرضه لا تشبه الصلاة التي أمر فيها بالقعود، حين جُحِشَ شقه؛ لأنها صلاة ابتدأ الإمام فيها قاعدًا، فعليهم القعود، لسنته - صلى الله عليه وسلم -، وصلاته في مرضه هي صلاة أبي بكر ابتدأ فيها القيام، فقاموا خلفه، ثم جاء النبي - صلى الله عليه وسلم -، بعد ذلك فقعد إلى جنبه، وهو مريض فالصلاة على ما ابتدئت، فلا تشبه هذه هذه، ولا تنسخ هذه هذه، والأولى سُنَّة على معناها، والثانية سُنَّة على معناها".
وقال ابن حزم في المحلى (٣/ ٦١) بعد أن ذكر طرق الحديث وشواهده: "فصار نقْلَ تواترٍ، فوجب للعلم، فلم يَجُزْ لأحد خلاف ذلك، فنظرنا فيما اعترض به المالكيون في منعهم عن صلاة الجالس لمرض أو عذر للأصحاء، فلم نجد لهم شيئًا أصلًا، إلا أن قائلهم قال: هذا خصوص للنبي - صلى الله عليه وسلم -، واحتجوا في ذلك بما رويناه من طريق: جابر الجعفي عن الشعبي، ومن طريق: عبد الملك بن حبيب، عمن أخبره، عن مجالد، عن الشعبي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يؤُمَّنَّ أحدكم بعدي جالسًا"، قال علي: وهذا لا شيء، أما قولهم: إن هذا خصوص لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فباطل؛ لأن نص الحديث يكذب هذا القول، لأنه عليه السلام قال فيه: "إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه، فإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا"، فصح أنه عليه السلام عمَّ بذلك كل إمام بعده بلا إشكال، وقوله تعالى:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}[الأحزاب: ٢١] تكذيب لكل من ادَّعى الخصوص في شيء من سننه وأفعاله عليه السلام، إلا أن يأتي على دعواه بنص صحيح أو إجماع مُتَيقَّن، وأما حديث الشعبي: فباطل؛ لأنه رواية جابر الجعفي الكذاب، المشهور بالقول برجعة علي - رضي الله عنه -، ومجالد وهو: ضعيف، وهو مرسل مع ذلك،. . ."، وأطال في الرد على المالكية، وأنكر عليهم كيف يحتجون بأوهن أسانيد أهل الكوفة، ويعرضون عن أصح أسانيد أهل الكوفة والمدينة، وتعجب من ترك احتجاجهم بفعله - صلى الله عليه وسلم -، ومن ترك الائتمام بالأدنى، مع صحة الأدلة على ذلك، ثم عرج بعد ذلك على الشافعية والحنفية القائلين بالنسخ.
ثم قال بعد كلام طويل (٣/ ٧٠): "فهؤلاء أبو هريرة وجابر وأسيد، وكل من معهم من الصحابة، وعلى عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غير مسجده، لا مخالف لهم يُعرف من الصحابة - رضي الله عنهم - أصلًا، كلهم يروي إمامة الجالس للأصحاء، ولم يُرو عن أحد منهم خلاف