للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عبد الله بن عون، عن أنس بن سيرين، عن عبد الحميد بن المنذر بن الجارود، عن أنس، فاقتضى ذلك أن في رواية البخاري انقطاعًا، وهو مندفع بتصريح أنس بن سيرين عنده بسماعه من أنس، فحينئذ رواية ابن ماجه إما من المزيد في متصل الأسانيد، وإما أن يكون فيها وهم، لكون ابن الجارود كان حاضرًا عند أنس لما حدث بهذا الحديث، وسأله عما سأله من ذلك، فظن بعض الرواة أن له فيه رواية" [وانظر: النكت الظراف بحاشية التحفة (١/ ٢٦٦)].

وذهل البوصيري فقال في مصباح الزجاجة (١/ ٩٦/ ٢٨٦): وإسناده حسن؛ إلا أن له أصلًا في الصحيح من حديث إسحاق بن أبي طلحة عن أنس بن مالك".

قلت: الصواب: ما قال الدارقطني في العلل (١٢/ ٨/ ٢٣٤١)، وقد ذكر الخلاف بأوسع من هذا: "والقول: قول شعبة ومن تابعه"، وقد أعرض البخاري عن رواية ابن عون، وأخرج رواية شعبة وخالد في صحيحه.

• قال ابن حبان مترجمًا للحديث: "ذكر العذر الرابع، وهو: السِّمَن المفرط الذي يمنع المرء من حضور الجماعات".

قال ابن رجب في الفتح (٤/ ١٠٠): "في هذا الحديث: أنَّ مَن كان ثقيل البدن يشق عليه المشي إلى المسجد؛ فإنه يعذر لترك الجماعة لذلك، وليس في الحديث ذكر عذر لترك الجماعة سوى كونه ضخمًا، وأنه لا يستطيع الصلاة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في مسجده، ولعل منزله كان بعيدًا من المسجد، والظاهر: أن هذا الرجل غير عتبان بن مالك؛ فإن ذاك كان عذره العمى، مع بُعد المنزل، وحيلولة السيول بينه وبين المسجد".

لكن قد يُشكل على هذا: حديث ابن مسعود، والشاهد منه قوله: ولقد رأيتُنا وما يتخلَّف عنها إلا منافقٌ معلومُ النفاق، ولقد كان الرجل يُؤتى به يُهادَى بين الرجلين حتى يُقامَ في الصف [أخرجه مسلم (٦٥٤/ ٢٥٧)، وتقدم في السنن برقم (٥٥٠)].

فيقال: هذا الرجل كان ضخمًا؛ بحيث منعه ذلك من شهود الجماعة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إني لا أستطيع أن أصلي معك، وهذا صريح في عدم استطاعته حضور الجماعة، ولو بإعانة غيره له، إذًا فليس مجرد السمن هو العذر المبيح للتخلف عن الجماعة، ولكن اقترن به عدم الاستطاعة، يعني أنه كان ضخمًا لدرجة إقعاده عن المشي، أو اقترن بضخامة البدن ما يعيقه عن الوصول إلى المسجد، لذا فإن ابن حبان قيد هذا السمن بكونه مفرطًا، بحيث يقعده عن الوصول إلى المسجد، وشهود الجماعة مع الناس، والله أعلم.

وقد سبق بيان حكم شهود الجماعة، والكلام عن بعض الأعذار المبيحة للتخلف عن الجماعة تحت الحديث رقم (٥٥٣).

***

<<  <  ج: ص:  >  >>