للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إجازة الصلاة إذا كان الرجل خلف الصف وحده، وقالوا: إن الصبي لم تكن له صلاة، وكأن أنسًا كان خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - وحده في الصف، وليس الأمر على ما ذهبوا إليه، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقامه مع اليتيم خلفه، فلولا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل لليتيم صلاة لما أقام اليتيم معه، ولأقامه عن يمينه، وقد روي عن موسى بن أنس، عن أنس: أنه صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأقامه عن يمينه".

وقال ابن خزيمة (٣/ ٣٠ - ٣١): "باب الزجر عن صلاة المأموم خلف الصف وحده، والبيان أن صلاته خلف الصف وحده غير جائزة، يجب عليه استقبالها، وأن قوله: "لا صلاة له" من الجنس الذي نقول: إن العرب تنفي الاسم عن الشيء لنقصه عن الكمال".

ثم قال: "واحتج بعض أصحابنا وبعض من قال بمذهب العراقيين في إجازة صلاة المأموم خلف الصف وحده بما هو بعيد الشبه من هذه المسألة، احتجوا بخبر أنس بن مالك: أنه صلى وامرأة خلف النبي - صلى الله عليه وسلم -، فجعله عن يمينه، والمرأة خلف ذلك، فقالوا: إذا جاز للمرأة أن تقوم خلف الصف وحدها، جاز صلاة المصلي خلف الصف وحده، وهذا الاحتجاج عندي غلط؛ لأن سنة المرأة أن تقوم خلف الصف وحدها؛ إذا لم تكن معها امرأة أخرى، وغير جائز لها أن تقوم بحذاء الإمام، ولا في الصف مع الرجال". . . ثم أطال في الرد، ثم قال: "والمرأة إذا قامت خلف الصف، ولا امرأة معها، ولا نسوة: فاعلة ما أمرت به، وما هو سنتها في القيام، والرجل إذا قام في الصف وحده: فاعل ما ليس من سنته، إذ سنته أن يدخل الصف فيصطف مع المأمومين، فكيف يكون أن يشبه ما زجر المأموم عنه مما هو خلاف سنته في القيام، بفعل امرأة فعلت ما أمرت به، مما هو سنتها في القيام خلف الصف وحدها، فالمشبِّهُ المنهيَّ عنه بالمأمور به مغفَّل بيِّن الغفلة، مشبه بين فعلين متضادين، إذ هو مشبه منهي عنه بمأمور به، فتدبروا هذه اللفظة يبن لكم بتوفيق خالقنا حجة ما ذكرنا.

وزعم مخالفونا من العراقيين في هذه المسألة: أن المرأة لو قامت في الصف مع الرجال حيث أمر الرجل أن يقوم، أفسدت صلاة من عن يمينها، ومن عن شمالها، والمصلي خلفها، والرجل مأمور عندهم أن يقوم في الصف مع الرجال، فكيف يشبه فعل امرأة لو فعلت أفسدت صلاة ثلاثة من المصلين؛ بفعل من هو مأمور بفِعله -إذا فَعَله- لا يفسد فِعلُه صلاة أحد".

وقال ابن المنذر في الأوسط (٤/ ١٨٣): "صلاة الفرد خلف الصف باطل؛ لثبوت خبر وابصة، وخبر علي بن الجعد بن شيبان".

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في المجموع (٢٣/ ٣٩٧): "وأما حديث أبى بكرة: فليس فيه أنه صلى منفردًا خلف الصف قبل رفع الإمام رأسه من الركوع، فقد أدرك من الاصطفاف المأمور به، ما يكون به مدركًا للركعة، فهو بمنزلة أن يقف وحده ثم يجيء آخر

<<  <  ج: ص:  >  >>