للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يستدل بحديث أبي بكرة في هذا الباب على مسألتين:

١ - المسألة الأولى:

أن من صلى خلف الصف وحده؛ تصح صلاته، لحديث أبي بكرة هذا، وهذه المسألة سبق بحثها في الباب السابق، وبينا أن الصواب: عدم صحة صلاة الفذ خلف الصف؛ إلا أن لا يجد مكانًا في الصف، فتصح للضرورة، لكن هنا سوف نناقش مسألة الركوع دون الصف، ثم المشي إلى الصف راكعًا:

قال ابن رجب في الفتح (٥/ ١٤) بأن هذا الحديث يستدل به على أن: "من صلى خلف الصف وحده، فإنه يعتد بصلاته، ولا إعادة عليه؛ فإن أبا بكرة ركع خلف الصف وحده، ولم يأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بإعادة صلاته، وقد استدل بذلك الشافعي وغيره من الأئمة.

وممن روي عنه الركوع دون الصف والمشي راكعًا: ابن مسعود، وزيد بن ثابت، وابن الزبير، وكان يعلم الناس ذلك على المنبر، وروي عنه أنه قال: هو السنة، وورد أيضًا أنه فعله، ولم يصححه الإمام أحمد عنه، وذكر أن الصحيح عنه النهي عنه، وروي أيضًا فعله عن أبي بكر الصديق، خرجه البيهقي بإسناد منقطع".

وقال ابن عبد البر في الاستذكار (٢/ ٣١٥) بعد حديث أبي هريرة المرفوع: "وعلى هذا مذهب الشافعي؛ إلا أنه يستحب ألا يركع دون الصف حتى يأخذ مكانه من الصف؛ فإن فعل فلا شيء عليه، كأنه لم يقطع بصحة رفع حديث أبي هريرة؛ مع ما روي عن ابن مسعود وزيد، وقال مالك والليث: لا بأس أن يركع الرجل وحده دون الصف، ويمشي إلى الصف إذا كان قريبًا قدر ما يلحق، وقال أبو حنيفة: أكره للواحد أن يركع دون الصف ثم يمشي، ولا أكره ذلك للجماعة، وهو قول الثوري"، إلى أن قال: "قال إسماعيل بن إسحاق: من دخل المسجد فوجد الناس ركوعًا فلا يركع دون الصف؛ إلا أن يطمع أن يصل إلى الصف راكعًا قبل أن يرفع الإمام رأسه من الركعة".

قلت: الصحيح: عدم صحة صلاة الفذ خلف الصف، كما سبق تقريره في الباب السابق، وأما حديث أبي بكرة، ونهي النبي - صلى الله عليه وسلم - له بقوله: "ولا تعد"، فقد أجيب عنه بأجوبة، نذكر منها ما يتعلق بمسألة الباب:

وقبل أن نبدأ بذكر الأجوبة نبين ضبط هذه اللفظة "ولا تعد": قال ابن حجر في الفتح (٢/ ٢٦٩): "قوله: "ولا تَعُد" ضبطناه في جميع الروايات بفتح أوله وضم العين من العود، وحكى بعض شراح المصابيح أنه رُوي بضم أوله وكسر العين من الإعادة".

وأما الأجوبة، فمنها:

١ - إن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهاه عن ذلك بقوله: "ولا تعد"، فلا تصح الصلاة بعد النهي عنه، وتصح إذا لم يعلم النهي، ففرَّق بين الجاهل والمتأوِّل، فأُمر بالإعادة دون الجاهل [الفتح لابن رجب (٥/ ١٧)].

قال الخرقي: "ومن أدرك الإمام راكعًا فركع دون الصف ثم مشى حتى دخل في

<<  <  ج: ص:  >  >>