الصف وهو لا يعلم قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكرة: "زادك الله حرصًا، ولا تعد"؛ قيل له: لا تعد، وقد أجزأته صلاته، فإن عاد بعد النهي لم تجزئه صلاته، ونص أحمد رحمه الله على هذا في رواية أبي طالب" [المغني (٢/ ٣٥)].
٢ - إن أبا بكرة دخل في الصف قبل رفع النبي - صلى الله عليه وسلم - رأسه، وحينئذٍ، فقد زالت فذوذيته قبل أن تفوته الركعة، فيعتد له بذلك، وعلى هذا يحمل ما روي عن الصحابة في ذلك [الفتح لابن رجب (٥/ ١٩)].
٣ - وفي رواية الأثرم وغيره، أن الإمام أحمد قال: "لا يعجبني فعل زيد وابن مسعود"، ورده بحديث أبي بكرة، وقد اختلفت الرواية عن الإمام أحمد في ذلك:
قال إسحاق بن منصور الكوسج (٤٣٥ و ٤٣٦): "قلت لأحمد: إذا ركع دون الصف ثم مشى؟ قال: في حديث أبي بكرة: "زادك الله تعالى حرصًا".
قلت: لم يدرك الصف حتى رفع الإمام رأسه؟ قال: يُروى عن ابن مسعود، وعن زيد بن ثابت، كأنه لم ير أن يعيد على هذه الحال".
وفي رواية حرب، قال: "لا بأس أن يركع دون الصف إذا أدرك الإمام راكعًا" [الفتح لابن رجب (٥/ ٢٢)].
وروى أبو داود عن أحمد، فيمن ركع دون الصف، ثم مشى حتى دخل الصف، وقد رفع الإمام قبل أن ينتهي إلى الصف، قال أحمد: "تجزئه ركعة، كان صلى خلف الصف وحده، أعاد الصلاة" [مسائل أبي داود (٢٥٠)].
قال ابن رجب: "وظاهر هذه الرواية أنه يجزئه، ولو دخل في الصف بعد رفع إمامه، ما لم يُصلِّ ركعة كاملة وحده، وليس في حديث أبي بكرة أنه دخل في الصف قبل رفع النبي - صلى الله عليه وسلم -، ووجه ذلك: أنه أدرك معظم الركعة في الصف، وهو السجدتان، فاكتفى بذلك في المصافة" [الفتح (٥/ ٢٢)].
قلت: الصحيح أن أبا بكرة دخل في الصف والنبي - صلى الله عليه وسلم - راكع، وقبل أن يرفع رأسه، كما في رواية حجاج السابق ذكرها.
وللإمام أحمد تفصيل آخر فيما إذا ركع وحده، أو كان معه غيره، قال إسحاق بن منصور في مسائله لأحمد وإسحاق (٢٦٠): "قلت: إذا دخل رجل المسجد والإمام راكع، يركع قبل أن يصل إلى الصف؟ قال: إذا كان وحده وظن أنه يدرك فعل، وإذا كان مع غيره فيركع حيث ما أدركه الركوع.
قال إسحاق: لا يركع أبدًا إذا كان وحده، وإذا كان معه آخر ركعا، ثم مشيا حتى يلحقا الصف".
٤ - وقال الإمام الشافعي في اختلاف الحديث (١٠/ ١٧٣ - الأم): "فكأنه أحب له الدخول في الصف، ولم ير عليه العجلة بالركوع حتى يلحق بالصف، ولم يأمره بالإعادة، بل فيه دلالة على أنه رأى ركوعه منفردًا مجزئًا عنه".