كان إذا سجد وقعت ركبتاه إلى الأرض قبل أن تقع كفاه، قال: وكان إذا نهض في فصل الركعتين: نهض على ركبتيه، واعتمد على فخذيه.
وهذا هو المحفوظ من حديث شقيق هذا، وجعْلُه من حديث ابن جحادة، عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه: وهم، وخطأ محض، كما تقدم تحرير ذلك تحت الحديث رقم (٧٢٣)، وهو مرسل بإسناد ضعيف؛ لكن يبقى أن يقال: كيف تُقدَّم رواية شقيق هذا، وهو مجهول؛ على رواية شريك، وهو في الأصل صدوق، لكنه يخطئ كثيرًا، لسوء حفظه، فيقال: بهذه الرواية أعلَّ الترمذي وغيره رواية شريك، وقد جزموا بغرابة رواية شريك، مع شهرة رواية همام، فرواية همام أولى لشهرتها، وروايةُ شريكٍ وهمٌ لأجل غرابتها، إذ لم يحملها عنه سوى يزيد بن هارون الواسطي، دون أهل الكوفة، وفي هذا ما يجعل النفس لا تطمئن لثبوتها، إذ من المحتمل أن يكون شريك خص بها يزيد؛ ووهم فيها، والله أعلم.
ومع كون رواية شقيق هذه مقدَّمة على رواية شريك، لكن هذا لا يخرجها عن كونها منكرة أيضًا، حيث خالف فيها شقيق هذا - على جهالته - جماعة من الثقات الحفاظ، فرووه عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل، ولم يذكروا فيه هيئة الهوي إلى السجود أو الرفع منه، والله أعلم.
وعلى هذا فالأقرب عندي أن حديث: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه: حديث منكر من حديث وائل بن حجر، والله تعالى أعلم.
• وهذا الحديث في صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - رواه أيضًا عن عاصم بن كليب:
١ - سفيان بن عيينة [ثقة حافظ، فقيه إمام حجة]، عن عاصم بن كليب، قال: سمعت أبي، يقول: حدثني وائل بن حجر، قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا افتتح الصلاة يرفع يديه حذو منكبيه، وإذا ركع، وبعدما يرفع رأسه، قال وائل: ثم أتيتهم في الشتاء فرأيتهم يرفعون أيديهم في البرانس.
هذا لفظ الشافعي، ولفظ الحميدي: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا افتتح الصلاة رفع يديه، وإذا ركع، وبعدما يرفع رأسه من الركوع، ورأيته إذا جلس في الصلاة أضجع رجله اليسرى، ونصب اليمنى، ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى وبسطها، ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، وقبض ثنتين وحلَّق حلْقة، ودعا هكذا - ونصب الحميدي السبابة -، قال وائل: ثم أتيتهم في الشتاء فرأيتهم يرفعون أيديهم في البرانس.
ورواه محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ عن ابن عيينة بنحو رواية الحميدي، وزاد: يرفع يديه إذا افتتح الصلاة حتَّى يحاذي منكبيه، وفيه: ونصب أصبعه للدعاء، وفي رواية: أصبعه الدَّعَّاءة.
أخرجه النسائي في المجتبى (٢/ ٢٣٦/ ١١٥٩) و (٣/ ٣٤/ ١٢٦٣)، وفي الكبرى