قال أبو عيسى: رواه مالك وغير واحد من الثقات: عن هشام عن أبيه عن ابن الأرقم: لم يذكروا فيه: عن رجل".
فإن هناك احتمالًا آخر لكلام البخاري، وهو أن هذا كان أشبه عنده فيما سبق ثم ظهر له بعدُ خلافه، وذلك لاستعماله لفظة "كان" فإنه في الغالب لا يذكرها؛ إلا أن تكون "كأن"، والله أعلم.
ويؤيده ما أتبعه الترمذي من بيان رواية الأوثق والأكثر، ثم هو في الجامع يرجح رواية الأئمة فيقول: "حديث عبد الله بن الأرقم: حديث حسن صحيح؛ هكذا روى مالك بن أنس ويحيى بن سعيد القطان وغير واحد من الحفاظ: عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الأرقم، وروى وهيب وغيره: عن هشام بن عروة عن أبيه عن رجل عن عبد الله بن الأرقم"، فلو لم تكن رواية مالك ومن معه هي الصواب عنده لما قال: "حسن صحيح"، والله أعلم.
• وممن رجح رواية مالك والثوري والقطان ومن معهم، أو صحح الحديث [غير الترمذي]:
أبو داود؛ لقوله: "والأكثر الذين رووه عن هشام قالوا كما قال زهير".
والنسائي؛ فقد احتج به في صحاحه، ولم يذكر الاختلاف فيه، فقد اقتصر على إخراجه من طريق مالك، معتمدًا قوله، مطرحًا قول غيره ممن خالفه.
وقد أودعه مالك في موطئه، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، والضياء المقدسي، والحاكم، فقال في موضع: "صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، وفي الثاني "هذا حديث صحيح، من جملة ما قدمت ذكره من تفرد التابعي عن الصحابي، ولم يخرجاه"، وفي الثالث: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه".
وقال الخليلي في الإرشاد: "حديث صحيح".
وقال ابن عبد البر في التمهيد: "أحسن شيء رُوي مسندًا في هذا الباب: حديث عبد الله بن الأرقم، وحديث عائشة".
وقال البغوي: "حديث صحيح".
وذكره النووي في فصل الصحيح من الخلاصة (١٦٢٦).
وقال ابن الملقن في البدر المنير (٤/ ٤٢٨): "حديث صحيح".
وانظر: علل ابن أبي حاتم (١/ ٨٨/ ٢٣٧)، فإن سياقه يدل على أن أبا حاتم يرى أن إسناد مالك هو المحفوظ، وهو الذي يدل عليه أيضًا صنيع الدارقطني في العلل (١٤/ ٢٠٣/ ٣٥٥٥) (٥/ ٤٨/ أ).
• وللحديث طريق أخرى:
يرويها الطبراني في الكبير (٤٦٦ - قطعة من الجزء الثالث عشر)، وعنه: أبو نعيم في معرفة الصحابة (٣/ ١٥٨٣/ ٣٩٩٥).