للقيام أكبر، ثم ركع الركعتين الأخريين، فلما سلم سلم عن يمينه: سلام عليكم ورحمة الله، وسلم عن شماله: سلام عليكم ورحمة الله.
قال الحسن بن الحر: وحدثني عيسى، أن مما حدثه أيضًا في المجلس في التشهد: أن يضع يده اليسرى على فخذه اليسرى، ويضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، ثم يشير في الدعاء بإصبع واحدة.
قال الدارقطني:"تفرد به زهير عن الحسن، ولم أره إلا عند أبي بدر شجاع بن الوليد عنه".
وقال البيهقي:"والصحيح: أن محمد بن عمرو بن عطاء قد شهده من أبي حميد الساعدي" [وانظر: تحفة الأشراف (٨/ ٤٠٥/ ١١٨٩٢ - دار الغرب)].
قلت: وهو كما قال، وإسناده حسن إلى عيسى، وأبو خيثمة هو زهير بن معاوية الجعفي، لكن أين عيسى بن عبد الله بن مالك الدار هذا من ابن حلحلة وعبد الحميد بن جعفر، فهما أوثق منه، وأضبط وأحفظ، وأشهر بالطلب، وأكثر روايةً وحديثًا منه، فابن مالك الدار وإن ذكره ابن حبان في الثقات، فقد قال فيه ابن المديني:"مجهول؛ لم يرو عنه غير محمد بن إسحاق".
قلت: وإن روى عنه غير ابن إسحاق فلم يزل غير مشهور بالطلب، قليل الحديث، وقد اختلف في اسمه، لذا قال فيه ابن القطان الفاسي:"وحاله مجهولة"، وقد اختلف عليه في هذا الحديث، فرُوي عنه بإسقاط محمد بن عمرو بن عطاء من الإسناد، حيث رواه عن العباس بلا واسطة، وشك في اسم العباس بن سهل، أهو عباس، أم عياش؟ وزاد في متنه ما ليس منه، مثل التورُّك بين السجدتين، وذكر أبي هريرة في المجلس الَّذي ضم عشرة من الصحابة، ونفى جلسة الاستراحة، ولم يذكر التورُّك في موضعه الصحيح، في التشهد الأخير، ولم يذكر الفرق بين جلستي التشهد الأوسط والأخير، وغير ذلك، وكل هذا مما يؤكد عدم ضبطه لهذا الحديث سندًا ومتنًا [انظر: التهذيب (٣/ ٣٦٠)، التاريخ الكبير (٦/ ٣٨٩)، الجرح والتعديل (٦/ ٢٨٠)، الثقات (٧/ ٢٣١)، بيان الوهم (٥/ ٢٥/ ٢٢٦٢)، ذيل الميزان (٦١٠)].
وفي المقابل فلم يقع مثل هذا في رواية ابن حلحلة وعبد الحميد، مع تقدمهما في الحفظ والضبط والشهرة على ابن مالك الدار، فلا شك أن رواية الأحفظ، والذي لم يختلف عليه، ولم يشك: أولى، والله أعلم.
قال ابن عساكر:"هكذا رواه الحسن بن الحر عن عيسى بن عبد الله بن مالك الدار مولى عمر بن الخطاب، وخالفه عتبة بن أبي حكيم، فرواه عن عيسى عن العباس نفسه، لم يذكر محمد بن عمرو.
ورواه عبد الحميد بن جعفر ومحمد بن عمرو بن حلحلة، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن أبي حميد، وأسقطا العباس من إسناده".
وقال الذهبي في تهذيب سنن البيهقي (١/ ٥٢١ / ٢٢٥٥) بعد أن ذكر الاختلاف: "والأول أصح"؛ يعني: حديث عبد الحميد وابن حلحلة.