حنبل لا يرفع بين السجدتين، ولا عند القيام من الركعتين، وهو ممن يقول بالرفع في كل خفض ورفع، فيمكن أن يرد عليه البخاري بهذا الحديث".
وقال البغوي في شرح السُّنَّة (٣/ ٢٣): "ولم يذكر الشافعي رفع اليدين عند القيام من الركعتين؛ لأنَّه بنى قوله على حديث ابن شهاب عن سالم، ومذهبه اتباع السُّنَّة إذا ثبتت، وثبت رفع اليدين عند القيام من الركعتين برواية عبيد الله بن عمر عن نافع، وسائر الروايات".
• وقد احتج البخاري لرواية الرفع عن عبيد الله بأن لها متابعات:
قال البخاري في الصحيح: "رواه حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ورواه ابن طهمان عن أيوب وموسى بن عقبة مختصرًا".
أ - أما حديث حماد بن سلمة:
فأخرجه موصولًا: البخاري في رفع اليدين (١٠٦)، وأحمد (٢/ ١٠٠)، والطحاوي في المشكل (١٥/ ٤٧ / ٥٨٣٢)، وابن حبان في كتاب الصلاة (٩/ ٣٠ / ١٠٣٣٣ - إتحاف المهرة)، والبيهقي في السنن (٢/ ٢٤ و ٧٠)، وفي المعرفة (١/ ٥٤٢/ ٧٦٣)، وابن حجر في التغليق (٢/ ٣٠٥).
من طرقٍ عن حماد بن سلمة، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا دخل الصلاة رفع يديه حذو منكبيه، وإذا ركع، وإذا رفع من الركوع.
هكذا فلم يذكر فيه الرفع عند القيام من الركعتين، والبخاري إنما أراد المتابعة على رفع الحديث، كما في حديث ابن طهمان أيضًا.
فإن قيل: قد رواه حماد بن زيد [وهو: أثبت الناس في أيوب]، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر موقوفًا.
علقه الدارقطني في العلل (١٣/ ١٥/ ٢٩٠٢).
فيقال: لم ينفرد برفعه عن أيوب: حماد بن سلمة، فقد تابعه: إبراهيم بن طهمان، هذا من وجه، ومن وجه آخر: فقد كان حماد بن زيد يقف المرفوع أحيانًا، يتهيبه [انظر: التهذيب (١/ ٤٨١)]، والله أعلم.
ب - وأما حديث ابن طهمان:
فرواه إبراهيم بن طهمان، عن أيوب بن أبي تميمة، وموسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر: أنَّه كان يرفع يديه حين يفتتح الصلاة، وإذا ركع، وإذا استوى قائمًا من ركوعه حذو منكبيه، ويقول: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل ذلك.
أخرجه موصولًا: ابن حبان في كتاب الصلاة (٩/ ٣٠/ ١٠٣٣٣ - إتحاف المهرة)، والبيهقي في السنن (٢/ ٧٠)، وفي المعرفة (١/ ٥٤٢/ ٧٦٤)، ومن طريقه: ابن حجر في التغليق (٢/ ٣٠٦).
قال البيهقي: "فيثبت هذا الحديث من جهة سالم بن عبد الله، ونافع مولى ابن عمر، كلاهما عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -".