• وأما ما أخرجه البيهقي في الخلافيات: من طريق ابن وهب: أخبرني حيوة بن شريح الحضرمي، عن أبي عيسى سليمان بن كيسان المدني، عن عبد الله بن القاسم، قال: بينما الناس يصلون في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إذ خرج عليهم عمر بن الخطاب، فقال: أقبلوا عليَّ بوجوهكم أصلي بكم صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي كان يصلي ويأمر بها، فقام مستقبل القبلة، ورفع يديه حتَّى حاذى بهما منكبيه، وكبر، ثم غض بصره، ثم رفع يديه حتَّى حاذى بهما منكبيه، ثم كبر ثم ركع، وكذلك حين رفع، فقال للقوم: هكذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بنا.
ذكره أبو الفتح اليعمري في النفح الشذي (٤/ ٣٩٠)، والزيلعي في نصب الراية (١/ ٤١٥)، وابن كثير في مسند الفاروق (١/ ٢٠٨/ ٩٤)، وفي الأحكام الكبير (٣/ ٢٨٨).
قال الزيلعي:"قال الشيخ [يعني: ابن دقيق العيد]: ورجال إسناده معروفون، فسليمان بن كيسان أبو عيسى التميمي: ذكره ابن أبي حاتم وسمى جماعة روى عنهم، وجماعة رووا عنه، ولم يعرف من حاله بشيء، وعبد الله بن القاسم مولى أبي بكر الصديق: ذكره أيضًا، وذكر أنَّه روى عن ابن عمر وابن عباس وابن الزبير، وروى عنه جماعة، ولم يعرف من حاله أيضًا بشيء".
قلت: عبد الله بن القاسم مولى أبي بكر: ذكره ابن حبان وابن خلفون في الثقات، وروى عنه جماعة، وقال ابن القطان:"لا تُعرف حاله"، ولم يذكر له البخاري في تاريخه الكبير سماعًا من أحد من الصحابة الذين روى عنهم، وهم: ابن عمر وابن عباس وابن الزبير، سوى جارةٍ للنبي - صلى الله عليه وسلم -[التهذيب (٢/ ٤٠٤)، إكمال مغلطاي (٨/ ١٢٤)، التاريخ الكبير (٥/ ١٧٣)، بيان الوهم (٣/ ٤٥١/ ١٢١١)]، فإن كان لا يُعرف له سماع من صغار الصحابة، فلأن لا يكون له إدراك لعمر فمن باب أولى، فكيف يقال إذًا بأنه قد رأى عمر؟ وهو يروي عن ابن المسيب عن عمر! [سنن أبي داود (١٧٩٣)]، والله أعلم.
وسليمان بن كيسان هذا هو أبو عيسى الخراساني، نزيل مصر: ذكره ابن حبان في الثقات، وروى عنه جماعة، وقال ابن القطان:"مجهول" [التهذيب (٤/ ٥٦٩)، الميزان (٤/ ٥٦٠)، بيان الوهم (٣/ ٥٢ / ٧٠٨) و (٣/ ٤٥١ / ١٢١٠)].
وعلى هذا فلا يثبت هذا عن عمر، لما في رواته من جهالة، وعدم اتصال إسناده، والله أعلم.
• وأما حديث محارب بن دثار عن ابن عمر، فسوف يأتي تخريجه في موضعه من السنن إن شاء الله تعالى، بعد حديث واحد، برقم (٧٤٣).
• وقد روى الوليد بن مسلم، قال: سمعت زيد بن واقد، يحدث عن نافع؛ أن ابن عمر - رضي الله عنهما - كان إذا رأى رجلًا لا يرفع يديه إذا ركع وإذا رفع رماه بالحصى.
وفي رواية: كان ابن عمر إذا رأى مصليًا لا يرفع يديه في الصلاة حصبه، وأمره أن يرفع يديه. وفي أخرى: كان إذا أبصر رجلًا يصلي لا يرفع يديه كلما خفض ورفع، حصبه حتَّى يرفع يديه.